متعة الحجّ

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.
وبعد . . . فإنّ البحث عن المتعتين قديم جدّاً، وكتابات السلف والخلف عنهما من النواحي المختلفة كثيرة جدّاً أيضاً.
وهذه رسالة وجيزة كتبتها بمناسبة أحاديث رووها في أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو الذي حرَّم متعة النساء، وعمدتها ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام . . .
منها: أنّه قال لابن عبّاس ـ وقد بلغه أنّه يقول بالمتعة، واللفظ لمسلم ـ : «إنّك رجلٌ تائه، نهانا رسول اللّه عن متعة النساء يوم خيبر».
وهي أحاديث موضوعة مختلقة، يعترف بذلك كلُّ من ينظر في أسانيدها ومداليلها وينصف، واللّه هو الموفَّق.

فنقول:
لا خلاف بين المسلمين في نزول القرآن المبين بالمتعتين . . .
أمّا متعة الحجّ، فقد قال عزّ وجلّ:
(فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّام فِي الْحَجِّ وَسَبْعَة إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(1).
وأمّا متعة النساء، فقد قال عزّ وجلّ: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَريضَةً)(2).
وكان على ذلك عمل المسلمين . . .
حتّى قال عمر بعد شطر من خلافته:
«متعتان كانتا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وأنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما».
فوقع الخلاف . . .
وحار التابعون له، الجاعلون قوله أصلاً من الأُصول، كيف يوجّهونه وهو صريحٌ في: قال اللّه . . . وأقول . . .؟!

متعة الحجّ
ومتعة الحجّ: أن ينشئ الإنسان بالمتعة إحرامه في أشهر الحجّ من الميقات، فيأتي مكّة، ويطوف بالبيت، ثمّ يسعى، ثمّ يقصِّر، ويحلّ من إحرامه، حتّى ينشئ في نفس تلك السفرة إحراماً آخر للحجّ من مكّة، والأفضل من المسجد الحرام، ويخرج إلى عرفات، ثمّ المشعر . . . إلى آخر أعمال الحج . . .
فيكون متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ.
وإنما سمّي بهذا الاسم لما فيه من المتعة أي اللّذة بإباحة محظورات الإحرام في تلك المدّة المتخلّلة بين الإحرامين . . .
وهذا ما حرّمه عمر وتبعه عليه عثمان ومعاوية وغيرهما . . . ولكنّهم لم ينسبوا التحريم إلى النبي ولم ينقلوا عنه حديثاً.

(1) سورة البقرة 2 : 196.
(2) سورة النساء 4 : 24.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *