أهل الشام في جيش ابن زياد

أهل الشام في جيش ابن زياد
وبعد أن تبيّن أنّ الّذين قادوا عساكر ابن زياد لقتال الإمام عليه السلام هم رجال من الخوارج، وزعماء الحزب الأُموي في الكوفة…
فالذي يظهر من خلال النظر في الأخبار وتتبّع الكلمات: هو وجود رجال من أهل الشام في جيش ابن زياد في واقعة الطفّ…
وقد روى الشيخ الكليني بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام، عن صوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرَّم، فقال: «تاسوعا يوم حوصر فيه الحسين عليه السلام وأصحابه رضي اللّه عنهم بكربلاء، واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه، وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها، واستضعفوا فيه الحسين صلوات اللّه عليه وأصحابه رضي اللّه عنهم، وأيقنوا أنّه لا يأتي الحسين عليه السلام ناصر، ولا يمدّه أهل العراق، بأبي المستضعَف الغريب…»(1).
وروى الشيخ ابن بابويه الصدوق القمّي بإسناده، قال: «ونظر الحسين عليه السلام يميناً وشمالا ولا يرى أحداً، فرفع رأسه إلى السماء فقال: اللّهمّ إنّك ترى ما يُصنع بولد نبيّك.
وحال بنو كلاب بينه وبين الماء، ورُمي بسهم فوقع في نحره وخرّ عن فرسه، فأخذ السهم فرمى به وجعل يتلقّى الدم بكفّه، فلمّا امتلأت لطّخ بها رأسه ولحيته وهو يقول: ألقى اللّه عزّ وجلّ وأنا مظلوم متلطّخ بدمي.
ثمّ خرّ على خدّه الأيسر صريعاً.
وأقبل عدوّ اللّه سنان بن أنس الإيادي وشمر بن ذي الجوشن العامري لعنهما اللّه في رجال من أهل الشام، حتّى وقفوا على رأس الحسين عليه لسلام…»(2).
وروى الشيخ الطوسي بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام، عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «ذاك يوم قُتل فيه الحسين عليه السلام، فإن كنتَ شامتاً فصم.
ثمّ قال: إنّ آل أُميّة عليهم لعنة اللّه ومن أعانهم على قتل الحسين من أهل الشام نذروا نذراً، إنْ قتل الحسين عليه السلام، وسلم من خرج إلى الحسين عليه السلام، وصارت الخلافة في آل أبي سفيان، أن يتّخذوا ذلك اليوم عيداً لهم، وأن يصوموا فيه شكراً، ويفرّحون أولادهم، فصارت في آل أبي سفيان سُنّة إلى اليوم في الناس…»(3).
أقول:
أمّا «الحصين بن نمير» فقد تقدّم كونه من أهل حمص.
وأمّا من كان مع شمر، فهم خمسون من الرجّالة، ومنهم أبو الجنوب عبدالرحمن الجعفي، وترجمته في «بغية الطلب»(4).
وقد تقّدم سابقاً أنّه قد خرج مع عبيداللّه ـ لقتال المختار في جيش الشام ـ رجالٌ من قتلة الحسين، منهم: عمير بن الحباب، وفرات بن سالم، ويزيد بن الحضين، وأُناس سوى هؤلاء كثير(5); و «عمير بن حباب» من عشيرة أبي الأعور السلمي(6) صاحب معاوية، و «فرات بن سالم» الجزري، هو والد: نوفل بن فرات، ترجم له ابن منظور في «مختصر تاريخ دمشق»، فقال: «ثقة»(7)!

رجل من أهل الشام يقترح الأمان على عليّ بن الحسين عليه السلام
قال ابن سعد: «دعا رجلٌ من أهل الشام عليَّ بن حسين الأكبر ـ وأُمّه آمنة بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأُمّها بنت أبي سفيان بن حرب ـ فقال: إنّ لك بأمير المؤمنين قرابةً ورحماً، فإنْ شئت آمنّاك وامض حيث ما أحببت.
فقال: أمَا واللّه لَقرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كانت أَوْلى أن تُرعى من قرابة أبي سفيان; ثمّ كرّ عليه وهو يقول:
أنا عليُّ بن حسين بن علي *** نحن وبيت اللّه أَوْلى بالنبي
من شمر وعمر وابن الدعي»(8)
وعبدالرحمن بن أَبْزى
وكان في جيش يزيد: عبدالرحمن بن أبزى.
ذكره غير واحد في الصحابة، روى عنه أصحاب الصحاح الستّة، قال المزّي: «سكن الكوفة واستُعمل عليها»(9)، لكنْ في «الأخبار الطوال» ما هو ظاهر في كونه من أهل الشام، وكان ممّن حضر قتال الإمام عليه السلام بكربلاء، إلاّ أنّه ادّعى أنّه لم يقاتل، بل أتى الكوفة في حاجة(10).
وآخرون من أهل الشام بكربلاء
وقال بعض المحقّقين ـ بعد نقل رواية الشيخ الكليني المتقدّمة(11)ـ : «الرواية صريحة في اجتماع أهل الشام في كربلاء، وسنذكر في ترجمة مسلم بن عقيل أنّ في صبيحة يوم شهادته ـ وهو التاسع من ذي الحجّة ـ ورد الكوفة عشرة آلاف من جند أهل الشام، ذكره الطبري وغيره…
فمن أنكر وجود جنود من الشام، فهو من عدم علمه بالتاريخ.
بل في (المناقب) أنّ خيل شمر بن ذي الجوشن ـ وهم أربعة آلاف ـ كلّهم شاميّون(12).
وفي الأربعين الحسينيّة ـ تأليف الفاضل المعاصر المحدّث القمّي قدّس سرّه ـ : رأيت في بعض كتب الأنساب أنّ خيل الشام لمّا ورد كربلاء جاؤوا بأمان من يزيد بن معاوية لعليّ بن الحسين عليه السلام…»(13).

(1) الكافي 4 / 147 ح 7.
(2) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 226 المجلس 30.
(3) الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 667 ح 1397.
(4) انظر: بغية الطلب 10 / 4380.
(5) الأخبار الطوال: 293.
(6) أنساب الأشراف 13 / 331.
(7) مختصر تاريخ دمشق 20 / 261 رقم 95.
(8) الطبقات الكبرى 6 / 439، وانظر: نسب قريش: 57.
(9) تهذيب الكمال 11 / 90 رقم 3731.
(10) الأخبار الطوال: 298 ـ 299.
(11) تقدّمت في الصفحتين 380 ـ 381.
(12) مناقب آل أبي طالب 4 / 107.
(13) الإمام الحسين وأصحابه ـ للشيخ فضل علي القزويني ـ 1 / 253 ـ 254.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *