تفسير الثعلبي

* تفسير الثعلبي:
وأخرج الثعلبي، قال: «قوله تعالى: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ):
قال ابن عبّاس، وقال السدّي، وعتبة بن حكيم، وثابت بن عبداللّه: إنّما عنى بقوله: (وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ): عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه; مرّ به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه.
أخبرنا أبو الحسن محمّد بن القاسم بن أحمد، قال: حدّثنا أبومحمّد عبداللّه بن أحمد الشعراني، قال: حدّثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين، قال: حدّثنا المظفّر بن الحسن الأنصاري، قال: حدّثنا السدّي بن علي الغراق، قال: حدّثنا يحيى بن عبدالحميد الحماني، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن الربعي، قال:
بينا عبداللّه بن عبّاس جالس على شفير زمزم إذ أقبل رجل متعمّم بعمامة، فجعل ابن عبّاس لا يقول: قال رسول اللّه، إلاّ قال الرجل: قال رسول اللّه. فقال ابن عبّاس: سألتك باللّه من أنت؟
قال: فكشف العمامة عن وجهه وقال: يا أيّها الناس! مَن عرفني فقد عرفني، ومَن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري، أبو ذرّ الغفاري، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بهاتين وإلاّ صمّتا ]وأشار إلى أُذنيه[ ورأيته بهاتين وإلاّ فعُميتا ]وأشار إلى عينيه[ يقول: عليّ قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله..
أما إنّي صلّيت مع رسول اللّه يوماً من الأيّام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللّهم اشهد أنّي سألت في مسجد رسول اللّه فلم يُعطني أحد شيئاً. وكان عليّ راكعاً فأومى إليه بخنصره اليُمنى، وكان يتختّم فيها، فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
فلمّا فرغ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: اللّهم إنّ أخي موسى سألك فقال: (رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْري * وَيَسِّرْ لي أَمْري * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِساني * يَفْقَهُوا قَوْلي * وَاجْعَلْ لي وَزيرًا مِنْ أَهْلي * هارُونَ أَخي * اشْدُدْ بِهِ أَزْري…)(1).. الآية، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطانًا)(2)، اللّهم وأنا محمّد نبيّك وصفيّك، اللّهم فاشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، عليّاً اشدُد به ظهري.
قال أبو ذرّ: فواللّه ما استتمّ رسول اللّه الكلمة حتّى أُنزل عليه جبرئيل من عند اللّه فقال: يا محمّد! اقرأ.
قال: وما أقرأ؟
قال: اقرأ: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ).
سمعت أبا منصور الجمشادي، سمعت محمّد بن عبداللّه الحافظ، سمعت أبا الحسن علي بن الحسن، سمعت أبا حامد محمّد بن هارون الحضرمي، سمعت محمّد بن منصور الطوسي، سمعت أحمد بن حنبل يقول:
ما جاء لأحد من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الفضائل ما جاء لعليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه»(3).

(1) سورة طه (20): 25 ـ 31.
(2) سورة القصص (28): 35.
(3) تفسير الثعلبي 4 / 80.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *