بين سعد و معاوية

بين سعد و معاوية
وروى شيخ الطائفة الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ـ المتوفى سنة 460 ـ .
«عن جماعة، عن أبي المفضّل، عن محمّد بن هارون، عن محمّد بن حميد، عن جرير، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس، عن سعد بن أبي وقّاص. في كلام طويل مع معاوية قال:
«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول لرجل جاء يشكوا إليه عليّاً عليه السلام: ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قال: بلى.
قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه.
قال: وخلّفه في بعض أسفاره فقال: يا رسول اللّه! أتخلّفني مع النساء والصبيان؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي!»(1).
أقول:
خبر ما كان بين سعد بن أبي وقّاص ومعاوية حول أمير المؤمنين عليه السّلام حينما أمر معاوية سعداً بسبّ أمير المؤمنين مروي في كتبهم… أخرجه مسلم وغيره من الأئمة… وفيه: «فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فلن أسبّه، لئن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليَّ من حمر النعم…»
لكنّ القوم حرّفوا الحديث، فمنهم من أسقط حديث الغدير، ومنهم من حذف لفظ السبّ، ومنهم من حذف اسم السابّ… فراجع تاريخ ابن كثير 7 / 340 والخصائص للنسائي: 49 والاستيعاب 3 / 1099.
وليت معاوية انتهى من السبّ ونهى عنه ـ بعد سماع تلك الأحاديث واعتذار سعد من السبّ بسببها ـ … كما انتهى بعض من به اقتدى:
فقد روى الشيخ أبو جعفر الطوسي بسنده عن سهم بن حصين الأسدي قال: قدمت إلى مكّة أنا وعبداللّه بن علقمة، وكان عبداللّه بن علقمة سبّابةً لعلي ـ صلوات اللّه عليه ـ دهراً، قال: قلت له: هل لك في هذا ـ يعني أبا سعيد الخدري ـ نحدث به عهداً.
قال: نعم.
فأتيناه.
فقال: هل سمعت لعلي منقبةً؟
قال: نعم، إذا حدثتك فاسأل عنها المهاجرين والأنصار وقريشاً: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال يوم غدير خم فأبلغ ثمّ قال: يا أيّها الناس! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: بلى. قالها ثلاث مرات.
ثم قال: اُذن يا علي! فرفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يديه حتّى نظرت إلى بياض أباطهما.
قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ـ ثلاث مرّات ـ ثمّ قال:
فقال عبداللّه بن علقمة: أنت سمعت هذا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟
قال أبو سعيد: نعم وأشار إلى اُذنية وصدره قال: سمعته اُذناي ووعاه قلبي.
قال عبداللّه بن شريك: فقدم علينا عبداللّه بن علقمة وسهم بن حصين، فلمّا صلينا الهجير قام عبداللّه بن علقمة فقال: إنّي أتوب إلى اللّه واستغفره من سبّ علي بن أبي طالب، ثلاث مرات»(2).

(1) إثبات الهداة 2 / 89 .
(2) الأمالي للشيخ الطوسي: 247 وعنه بحار الأنوار 37 / 142.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *