سماحة السيد لقد قرأتُ بعض ما كُتِبَ في الردّ على (أحمد الكاتب) من مثل ما كتبه عالم سبيط النيلي والسيد نذير الحسني وغيرهما وهو كلام مُطوّل ينطوي في معظمه على تكذيب ادّعاءات (الكاتب)، ولكنني لم أتمكّن من استنباط الأجوبة المطلوبة للأسئلة الآتية لكثرة الأبحاث المطروحة؛ فلو تكرّمت بالإجابة المباشرة على الأسئلة الآتية وإن أخذت من وقتكم الثمين … (ولكم جزيل الشكر): 1- إذا كانت العقائد الإماميّة لا تقوم إلا بأدلَّةٍ قطعيّة واضحة لا يجوز فيها التقليد؛ فما الدليل القطعيّ الواضح الذي يعتمده الشيعيّ العاميّ اليوم للإيمان بوجود المهديّ المنتظر؟ 2- إذا كانت الشيعة في (القرن الرابع الهجري) كما يقول الشيخ ابن أبي زينب النعماني في مقدمة كتابه (الغيبة): (قد تفرّقت كلمتُها، وتشعَّبت مذاهبُها، واستهانت بفرائض الله عز وجل، وحنّت إلى محارم الله تعالى، وشَكُّوا جميعًا إلا القليل في إمام زمانهم ووليّ أمرهم وحُجّة ربهم …)، وذلك بعدَ أكثر من مئة سنة على وفاة الحسن العسكري وانتهاء الغيبة الصُّغرى؛ فكيف يحصل للشيعة اليوم اليقين بوجوده بعد هذه القرون؟! 3- يقول الشيعة: إنَّ الإمامين الهادي والعسكري قد هيَّأوا الشيعة ومهَّدوا لغيبة المهديّ المنتظر من خلال احتجاب الإمامين بعض الفترات عن شيعتهم وإرجاعهم إلى العلماء من أصحابهم وتعيينهم السفراء في عهد الغيبة الصغرى ليعتاد الشيعة على الغَيْبَة. فلماذا إذن افترق الشيعة بعد هذا التمهيد من الإمامين؟ ولماذا لم تتحدَّث أيّ فرقة من الفِرَق عن هذا التمهيد؟ ولماذا ظلّ الشيعة في حَيرة، وسُمّي ذلك العصر عندهم بـ (عصر الحَيرة)؟ ولماذا امتدَّت هذه الحَيْرة إلى منتصف القرن الرابع الهجري أي إلى أكثر من مائتي سنة على وفاة الحسن العسكري؟ 4- يقول المؤرخون الشيعة: افترق الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري إلى أكثر من (14) فرقة …، وذكروا أقوال كلّ فرقة، ولكننا لم نجدْ في أيٍّ من هذه الأقوال، أيّ ذكر لِعَقيدةِ الاثني عشر إمامًا؛ أو النّص على الأئمة بأسمائهم، فلماذا لم تحتج الإماميّة آنذاك بأحاديث الاثني عشر إمامًا وأحاديث النّص على الأئمة بأسمائهم؟ ولماذا لم تذكره وتناقشه بقيّة الفرق التي نقل أقوالها المؤرخون الشيعة في كتبهم كالنوبختي والأشعري؟! ولماذا هذا التخبّط في معرفة الإمام عند هذه الفِرق؟ وعلامَ يدلّ هذا؟ 5- عند استعراضهما أقوال الفِرق ما نقله الأشعري والنّوبختي من أقوال الفِرقة الإماميّة ليس فيه أيّ دليل واضح يثبت وجود الولد للحسن العسكري؛ ولا ادَّعى أتباع الفرقة الإمامية آنذاك رؤيته، ولا إظهاره لهم من قبل الحسن العسكريّ في حياته؛ فلماذا لم تُقدِّم الفِرقة الإماميّة آنذاك دليلاً واضحًا يُثبت وجودَ الإمام المهدي ويدلّ على صحّة مَذهَبهم، كما فعَلت الفِرقَة الرّابعة عشرة التي قالت: لا ولدَ للحسن بن علي أصلاً؛ لأنّا تبحّرنا ذلك بكُلّ وجه وفتّشنا عنه سِرًا وعَلانيةً، وبَحثنا عن خَبرهِ في حيَاة الحَسن بكلِّ سَبَبٍ فلم نجدهُ، ولو جاز أن يُقالَ في مثل الحَسن بن عليّ وقد توفي ولا ولدَ له ظاهر معروف، أنَّ له ولدًا مستورًا، لجاز مثل هذه الدعوى في كل ميّت من غير خلف ولجاز مثل ذلك في النبيّ صلوات الله عليه أن يُقال خلَّف ابنًا رسولا نبيًّا … إلخ. انتهى وهذا كلام رصين يحوي الدليلين العلمي والعملي. 6- ومع فرض وجود النصّ على الأئمة الاثني عشر بأسمائهم؛ فكيف تَسَنّى لجعفر بن عليّ الهادي ادّعاء الإمامة؟ ولماذا قام الشيعة – بما فيهم عثمان بن سعيد العمري – بتعزية جعفر وتهنئتِه بالإمامة أوّل الأمر؟ ولماذا لم يُعارضوه بالنّصّ على الأئمة بأسمائهم، وأنَّ الإمام الثانيَ عشرَ اسْمهُ محمّد لا جعفر؟ ولماذا انقلبوا عليه بعد ذلك؟ ولماذا اتهموه بالفسق والكذب لادِّعائه الإمامة وقد هنؤوه بها؟! 7- إذا كان الحسن العسكري – كما يزعم الشيعة – عاشَ مظلومًا مُضطهدًا يُخفي أمره ويَعمل بالتقية ومضى مَسمومًا شهيدًا لإمامته الشيعة؛ فكيف يسعى جعفر لهذه الإمامة التي ليس فيها إلا الخوف والبلاء؟ وكيف يُهنِّئُه الشيعة بها وليس فيها إلا الاضطهاد والقتل؟! وكيف تنسجم هذه التهنئة مع عقيدة الشيعة في الإمامة حيث لَمْ نَجِد نبيًّا هنأهُ أحدٌ بنبوّته، وكذلك الأئمة السَّابقين لم يتَلقَّوا تهنئةً بالإمامة؟ 8- زعم بعض الشيعة أنَّ تَرِكَة الإمام الحسن العسكري (عَلَيْهِ السَّلامُ) كانت تعادل خزينة الدولة؛ لذلك طمع فيها أخوه جعفر واقتسمها مع أمّه. ولكن كيفَ تسنّى للحَسن العَسكريّ جمع كلّ تلك الأموال في فترة العُمر القصيرة في ظلّ التقيّة والرّقابة الشديدة؟ ولماذا كان الحسن يجمع الأموال ويأخذها من الشيعة؟ ولماذا يورثها من بعده؟ وكيف يحلّ له ذلك؟ ولماذا لم تسأله الحكومة عن هذه الأموال وتصادرها منه وهو المتهم المعارض للدولة التي كانت تفاجئه بالهجوم عليه في داره وتفتيشها؟! وكيف تسنّى للوفود الشيعية أنْ توصل إليه هذه الأموال في ظلِّ التقيّة الشديدة والرّقَابة العبّاسية؟ وكيف سمحت الدَّولة بذلك؟ وأين هي الظروف الصَّعْبة المزعومة؟ 9- وكيف يطلبُ جعفر من المعتمد العبّاسي أن يجعل له منزلة أخيه الحسن العسكري ومرتبته ويدفع لأجلها عشرين ألف دينار؟! وهل كانت للحسن مرتبة لدى الخليفة يُطمَحُ إلى مثلها؟! فهل كان جعفر مجنونًا، أم كان للحسن العسكري منصب رفيع في دولة الخلافة؟ 10- لماذا يُنكِرُ جميعُ أهل البيت الموجودين آنذاك وجودَ الولدِ لفقيدهم الحسن؟ أَلِخَوْفِهم عليه؟ فلماذا يلعنهم الولد في توقيعاته المنسوبة إليه ويتبرّأ منهم؟ ولماذا يخافون عليه مع أنَّ غيبته إعجازيّة حيث تكفَّل الله بحفظه في غيبته، فكان الواجب عليهم أن يعترفوا بوجوده لإقامة الحجّة على الناس؟! 11- في موضوع ولادة المهدي: لماذا يُكذّبُ الشيعةُ جعفرًا وولدَه وأهلَ البيت الذين أنكروا وجوده، ويُصدَّقون تُجّار السَّمن والخَلّ وسُرَّاق الأموال كالحسين بن روح الذي سُجن خمس سنين أيام المقتدر لسرقته مالاً جزيلاً من الحكومة؟! وما زال الشيعة يُنافحون عن مذهبهم بقولهم: (أهلُ البيتِ أدرى بالذي فيه)؟! فما الذي حصلَ في هذه القضيّة حتى كذَّبوا أهل البيت والظاهر يشهد بصدقهم، وَصَدَّقوا خُدَّامَهم وقوّامَهم والظاهر يشهد بكذبهم، والناس مأمورون بالظاهر لا الباطن؟! ولماذا يُصدّقونهم وهم يروون عن أئمة أهل البيت الحديث الذي صَحّحه الشيخ الطوسي: (إنّ خُدّامَنا وقوّامَنا شِرارُ خلق الله)؟ 12- كيف يثبت علماء الشيعة اليوم وجود المهديّ المنتظر؟ وكيف يُثبتون رضاه بنيابتهم عنه؟ وعلى فرض عدم وجود الولد للحسن العسكري وغيبته، هل يحق لعلماء الشيعة اليوم أن يأخذوا الخُمس من الشيعة وأن يتصرّفوا به؟

بسمه تعالى
السلام عليكم
في مدينة قم مؤسّسة اسمها (مركز الرسالة) وعملها نشر الكتب الاسلامية، وقد أصدرت حتى الآن تحت إشرافنا أكثر من 70 عدد. وأوّل الإصدارات كتاب (الإمام المهدي) أرجو أنْ تحصلوا عليه وتقرأوه، فإنه يكفي لكم، والله الموفق.
9106
تم طرحه بواسطة: mohammed ali mohamme

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *