فروع في استعمال آلات اللهو

فروع في استعمال آلات اللهو
وهل يشمل معقد الإجماع وقول المحقق «وغير ذلك» الصنج المستعمل في هذه الأزمنة في المناسبات المختلفة؟.
في (المستند): يحكم فيه وفي كلّ ما يشك في دخوله في معقد الإجماع بمقتضى الأصل. قال: وأما ما روي من قولهم:: إيّاك والصوانج فإن الشيطان يركض معك والملائكة تنفر عنك، فلا يصلح لإثبات الحرمة، لاختلاف النسخة، فإن في الأكثر: الصوالج. فتأمل(1).
أقول: هل اختلاف النسخة في المقام ونحوه، يوجب رفع اليد عن الخبر والأخذ بمقتضى أصالة البراءة، أو أن مقتضى القاعدة فيه هو الإحتياط؟ الظاهر الثاني، للعلم الإجمالي بكون الصادر أحد اللفظين، فالمنهي عنه في الخبر إما هذا وإما ذاك، ومقتضى القاعدة ترك استعمال كلا الأمرين ليحصل اليقين بالإمتثال، لا الرجوع إلى أصالة البراءة، ولعل هذا وجه التأمل الذي أمر به. والصوالج جمع الصولجان(2).
نعم، إذا كان المراد من الصنج المحرم هو الدف المشتمل على جلاجل كما في (المسالك)(3) وعن بعض اللغويين، اختصت الحرمة بما كان بهذه الكيفية ، وليس منها ما تعارف استعماله في عزاء الإمام الحسين عليه السلام، لكن كلمات الفقهاء واللغويين مختلفة.
هذا، والمتيقن من الدخول تحت عنوان «الملاهي» و «المعازف» هو كلّ آلة اتخذت للهو واُعدّت له عند أهل العرف، فيحرم استعمالاتها المناسبة لها بقصد التلهي والإلهاء.
ولو استعملت الآلة الاستعمال الخاص بها لا بقصد الإلهاء، بل لغرض عقلائي مقصود، كإيقاظ النائم أو إعلام الغافل مثلاً، فالظاهر الحرمة أيضاً، لصدق استعمال آلة اللهو الإستعمال المحرم، وعدم مدخلية للقصد المذكور .
ولو استعملها بغير النحو الخاص المجعولة له، كجعل الدف ظرفاً لبعض الأشياء، والمزمار عصاءاً، ونحو ذلك، فقد اختار في (المستند) الحرمة قال: بل كأنه لا خلاف فيه(4).
أقول: إن كان دليل الحرمة هو وجوب كسر آلات اللهو وإعدامها كما في خبر أبي الربيع الشامي: «إن الله بعثني رحمة للعالمين ولأمحق المعازف والمزامير»(5). فإن ذلك لا يقتضى حرمة الاستعمال المذكور، فلو عصى الأمر بالكسر واتخذ المزمار عصاءاً لم يرتكب فعلين محرمين، بل المعصية واحدة وهي ترك الكسر والإعدام.
وإن كان الدليل خبر (تحف العقول) عن الصادق عليه السلام: «كلّ أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته، أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد: نظير البيع بالربا أو البيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش والطير أو جلودها أو الخمر أو شيء من وجوه النجس، فهذا كلّه حرام ومحرم، لأن ذلك كلّه منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلّب فيه، فجميع تقلّبه في ذلك حرام»(6) الحديث. ونحوه. فإن الظاهر انصراف هذه الأخبار وكلمات الأصحاب عن مثل هذا الاستعمال.
ولو تحقق اللهو بغير آلات اللهو كالطشت ونحوه يضرب به كما يضرب بالدف، ففي (المستند): الظاهر عدم الحرمة للأصل، واختصاص ثبوت الحرمة باستعمال آلات اللهو. قال: نعم، لو ثبتت حرمة مطلق اللهو لأمكن القول بالحرمة لذلك، ولكنها غير ثابتة(7).
أقول: لا حاجة إلى ثبوت حرمة مطلق اللهو للقول بالحرمة هنا، للقطع بأن العلّة في تحريم استعمال آلات اللهو هو مبغوضيّة اللهو الحاصل منها، فلو حصل ذلك اللهو باستعمال غيرها من الأشياء لقلنا بحرمة ذاك الاستعمال أيضاً وإن لم يصدق عليه استعمال آلة اللهو، إذ لا خصوصية للعود والمزمار ونحوهما، فظهر أن نفس التحريم لاستعمال آلات اللهو كاف لتحريم التلهي بغيرها، سواء كان دليل آخر أو لا، وسواء كان مطلق اللهو حراماً أو لا. هذا كلّه بالنسبة إلى نفس الإستعمال.

(1) مستند الشيعة 18 : 166.
(2) أقول: جاء الصوالج جمعاً للصولجان كما في التاج، ولم أجد في كتب اللغة الصوانج جمعاً للصنج، فكون اللفظ هو الصوالج كما في أكثر النسخ هو الظاهر، فيكون الخبر في مورد الصولجان فقط.
(3) مسالك الأفهام 14 : 183.
(4) مستند الشيعة 18 : 166 167.
(5) وسائل الشيعة 25 : 307/1 . أبواب الأشربة المحرمة ، الباب 10.
(6) وسائل الشيعة 17 : 84/1 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 2.
(7) وسائل الشيعة 17 : 84/1 . أبواب ما يكستب به ، الباب 2.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *