وهل قدح أحد من أعلام الإماميّة في كتاب سليم ؟

وهل قدح أحد من أعلام الإماميّة في كتاب سليم ؟
قد عرفت أنّ ما نسبه إلى صاحب البحار من أنّ بعض أعاظم الإماميّة طعن في سليم بن قيس وكتابه، لا أساس له من الصحّة…
والعلاّمة الحلّي في كتاب (خلاصة الأقوال) لا يقول بعدم اعتبار الكتاب، ونسبة ذلك إليه كذب آخر، وإنّما ذكر الإختلاف حوله، ثمّ حكم بعدالة سليم، وتوقّفه عن قبول بعض أخبار الكتاب لا يدلّ على القول بعدم اعتبار الكتاب، لأنّ التوقّف في قدر معيّن من الروايات يشعر بقبول ما عداه، والتوقّف عن القبول لذلك القدر لا يعني الردّ له.
وكلمات الرجل في اسم الشيخ حسن بن داود الحلّي واسم كتابه، مضطربة جدّاً، ممّا يدلّ على جهله بأسماء علماء أهل الحق وأسماء كتبهم، فكيف يريد التكلّم عن أحوالهم والحال هذه؟ لكن لا اختصاص لهذا الجهل بهذا الرجل… فقد سبقه إلى ذلك صاحب (الصواقع) وصاحب (التحفة) على عادته.
ثمّ إنّ هذا الشيخ وإنْ كان من كبار علماء الطائفة، إلاّ أنّ غرض الرجل من وصفه بالإمام المقتدى وشيخ الطائفة، الأفقه الأعرف بالأحاديث… غير خاف على النبيه… وإلاّ فإنّ أحداً من أصحابنا لم يصفه بهذا الألقاب.
والذي في كتاب ابن داود الحلّي نقلاً عن الشيخ الطوسي هو: «ينسب إليه الكتاب المشهور» وليس في العبارة جملة «وهو موضوع»! بل إنّ الشيخ يقول في (الفهرست) ما نصّه:
«سليم بن قيس الهلالي، يكنّى أبا صادق، له كتاب، أخبرنا به ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن أبي القاسم الملقّب بماجيلويه، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن حمّاد بن عيسى وعثمان بن عيسى، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس.
ورواه حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني عن سليم بن قيس»(1).
هذا، ولم ينقل أحد من الرجاليين عن الشيخ القول بوضع كتاب سليم ابن قيس أبداً، وهذه كتبهم متوفّرة لكلّ أحد.
وبعد;
فلو فرض اشتمال كتاب سليم ـ الذي ليس من الكتب التي يستنبط منها أحكام الحلال والحرام في الشريعة، وإنّما موضوعه الأحاديث والأخبار المتعلّقة بحوادث صدر الإسلام والوقائع بعد وفاة النبي عليه وآله الصلاة والسلام ـ على خبر لا يرتضيه بعض علماء الطائفة، فإنّ ذلك لا يوجب طعناً في المذهب الحق… بخلاف أهل الخلاف، فإنّ جميع معالم مذاهبهم من الاُصول والفرع متّخذة من هذه الكتب التي بأيدينا، ممّا سمّي بالصحاح وغيرها، والحال أنّه قد ثبت باعتراف أئمّتهم اشتمال الكتابين المشهورين بالصحيحين ـ فضلاً عن غيرهما ـ على الأباطيل والأكاذيب والموضوعات، كما ستقفت ـ بحمد الله تعالى ـ على بعض التفصيل في ذلك، وبالله التوفيق.

(1) كتاب الفهرست للشيخ الطوسي : 143/346 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *