1 ـ الصحيحان أصحُّ من القرآن؟

الصحيحان أصحُّ من القرآن ؟
القرآن الكريم كلام الله عزّوجل …
والأخبار الواردة عن النبي وآله الأطهار في تلاوته وحفظه والعمل به والرجوع إليه… كثيرة جدّاً، ولا خلاف بين العلماء في وجوب تعظيمه بكلّ أنحاء التعظيم وحرمة إهانته مطلقاً، وذلك مذكور في محلّه من الفقه الشيعي.
وقد أفتى الأعاظم من علماء الإماميّة بأنّ القرآن الكريم لم يقع فيه أيّ نقص في سوره وآياته، معرضين عن الروايات الواردة في بعض كتبهم الظاهرة في ذلك، لكون أكثرها ضعيفاً في السّند، وأنّ القليل المعتبر فيها معارض بما هو أقوى دلالةً وسنداً وأكثر عدداً… لاسيّما وأنّه قد تقرّر أن ليس عند جمهور الطائفة الإماميّة الإثني عشريّة كتابٌ صحيحٌ من أوّله إلى آخره، فضلاً عن أن يقولوا بقطعيّة صدور جميع ألفاظه عن النبي والأئمّة عليهم الصّلاة والسلام…
أمّا أهل السنّة، فجمهورهم على القول بصحّة ما اُخرج في كتابي البخاري ومسلم المعروفين بالصحيحين.
بل إنّ كثيراً من المحقّقين منهم ذهبوا إلى أنّ جميع ألفاظ هذين الكتابين مقطوعة الصدور، وهذه كلمات كبار علمائهم تنادي بهذا المعنى:
قال السيوطي: «وذكر الشيخ ـ يعني ابن الصّلاح ـ : إن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحّته والعلم القطعي حاصل فيه، خلافاً لمن نفى ذلك.
قال البلقيني: نقل بعض الحفاظ المتأخّرين مثل قول ابن الصّلاح عن جماعة من الشافعيّة كأبي إسحاق وأبي حامد الإسفرانيين والقاضي أبي الطيّب والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وعن السرخسي والزاغوني من الحنابلة، وابن فورك وأكثر أهل الكلام من الأشعريّة، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامّة. بل بالغ ابن طاهر المقدسي في صفوة التصوّف فألحق به ما كان على شرطهما وإنْ لم يخرجاه.
وقال ابن كثير: وأنا مع ابن الصلاح فيما عوّل عليه وأرشد إليه.
قال السيوطي: قلت: وهو الذي أختاره ولا أعتقد سواه( ).
إلاّ أنّ في نفس هذين الكتابين وكذا في سائر كتبهم من الصحاح والمسانيد والمعاجم المشهورة، روايات وآثاراً كثيرة، عن جمع كبير من كبار الصّحابة وأعلام التابعين، مفادها وقوع الخطأ والحذف والنقصان في ألفاظ القرآن…
ألا تكون النتيجة لهاتين المقدّمتين هي «الصّحيحان أصحُّ من القرآن»؟
فإمّا أنْ ترفع اليد عن صحّة الكتابين ـ فضلاً عن القول بقطعيّة صدور مافيهما ـ وهو مقتضى التحقيق، كما سيأتي في (المجلّد الثاني) من هذا الكتاب، وعن ثبوت تلك الأخبار والآثار، كما هو الحق، وإمّا أنْ يلتزم بالنتيجة المذكورة.
وهذا طرفٌ ممّا جاء في كتبهم حول القرآن الكريم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *