التأييد برواية إنه لم يعص الله

التأييد برواية إنه لم يعص الله
قال الشيخ:
وربما يؤيد المطلب بالأخبار الدالّة على عدم فساد نكاح العبد بدون إذن مولاه، معلّلاً بأنه لم يعص الله وإنما عصى سيّده.
أقول:
مذهب العامّة بطلان إنشاء العبد وإنْ أجاز المولى بعد، وكأنهم يريدون أن إجازة المولى لا توجب انقلاب الشيء عمّا وقع عليه…
أجاب الإمام عليه السّلام: بأن العبد لم يعص الله وإنما عصى سيّده، فإذا أجاز جاز.
وأفاد بتمثيله في ذيل الرواية أنّ المراد المعصية الوضعيّة لا التكليفيّة.
والحاصل: إنه قد أتى بما ليس مرخّصاً فيه من قبل المولى، فإذا لحقه الرّضا منه ترتب عليه الأثر. بخلاف ما إذا كان معصيةً لله، أي لم يكنْ مشروعاً، كالنكاح في العدّة مثلاً، وهذا ما لا ينقلب عمّا وقع عليه، وهذا مراد الشيخ من قوله:
إن المانع من صحّة العقد إذا كان لا يرجى زواله فهو الموجب لوقوع العقد باطلاً، وهو عصيان الله تعالى. وأمّا المانع الذي يرجى زواليه كعصيان السيّد، فبزواله يصحّ العقد، ورضا المالك من هذا القبيل.
وتوضيحه:
إنه قد تقرّر في الاصول الفرق بين قولنا: أكرم زيداً لعلمه، وقولنا: أكرم زيداً لأنه عالم، ففي الأوّل ـ حيث يحتمل أنْ يكون العلم الذي يختصُّ به هو العلّة لوجوب إكرامه ـ لا يتعدّى إلى غيره من العلماء. أمّا في الثاني ـ حيث جئ بالجملة علّةً للحكم ـ فيتعدّى، لظهوره في أنّ علّة إكرامه هو كونه أحد مصاديق العالم، فكلّ من كان عالماً فيجب إكرامه.
وعلى هذا نقول: قوله عليه السلام: لأنه لم يعص الله، كبرى كليّة ظاهرة في أنّ كلّ ما لم يكن فيه عصيان لله فهو قابل لأنْ يقع صحيحاً وليس فاسداً من أصله.
وعقد العبد كذلك، فليس فاسداً من أصله، وإنما قد عصى سيّده لعدم ترخيصه فيه، فإذا حصل الرّضا لاحقاً فلا عصيان فلا فساد.
فيتم الاستشهاد لمسألة الفضولي بهذه الأخبار.
وأشكل السيّد رحمه الله(1): بأنّ هذا الإستدلال إنما ينفع لأحد قسمي الفضولي فقط، وهو ما إذا كان المانع حق الغير، كما لو وقع العقد فضولاً للرجل على بنت اُخت زوجته، فإنه لا يكفي رضا البنت، بل يشترط في صحة العقد رضا الزوجة. وأمّا القسم الآخر وهو: أنْ يبيع مال الغير، أو يزوّج بنته بغير إذن منه، فلا يتمّ الاستدلال له بهذه الأخبار.
وبالجملة، فهذا الاستدلال أو التأييد أخصّ من المدّعى.
ولكن يمكن الجواب: بأنّ مدلول الأخبار أنّ ما كان فساده بالذات ـ وهو معصية الله ـ فلا يقبل الصحّة، وما كان فساده بالعرض، فيقبل الصحّة، وهذا أعمّ من أنْ يكون من هذا القسم أو ذاك.
قال الشيخ:
هذا غاية ما يمكن أنْ يحتج ويستشهد به للقول بالصحّة…

(1) حاشية المكاسب 2 / 122.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *