التأييد برواية الحلبي

التأييد برواية الحلبي
قال الشيخ:
وممّا يؤيد المطلب أيضاً صحيحة الحلبي…
وهذا نصّها:
عن الحلبي: سألت أبا عبدالله عليه السّلام عن رجل اشترى ثوباً ولم يشترط على صاحبه شيئاً، فكرهه ثم ردّه على صاحبه، فأبى أن يقبله إلاّ بوضيعة.
قال: لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة، فإنْ جهل فأخذه فباعه أكثر من ثمنه، ردّ على صاحبه الأوّل ما زاد(1).
أقول:
إن حقيقة الإقالة فسخ العقد وأنْ يعود كلّ من العوضين إلى صاحبه،

قال: ولا يخفى أنّ كلّ واحد من التقريبين خلاف ظاهر الخبر.(2)
والثالثة: قولهم أنها مخالفة للقواعد.
وقد ذكر الميرزا المخالفة من ستّة وجوه. ثم أجاب عنها.
والمهُّم مع ذلك قوله أنّ الرواية قابلة للحمل على المدّعى.
فصحّ قول الشّيخ ومن تبعه صلاحيّتها للتأييد، وهذا هو المقصود.
فعلى البائع أن يرجع الثمن الذي أخذه بلا نقيصة، ولذا قال الإمام عليه السّلام: لا يصلح له…
فإن جهل الحكم فأخذ الثوب فباعه بأكثر من ثمنه، ردّ على صاحبه الأوّل ما زاد.
دلّت الصحيحة على صحّة المعاملة الثانية، وإلاّ لم يملك الثمن حتى يردّ المقدار الزائد على المشتري الأوّل، فما الدليل على صحّتها؟
إنه ليس في الرّواية قرينة على رضا المشتري الأوّل بالمعاملة الثانية، بل إنه قد ردّ الثوب وبطلت معاملته في الظاهر وإنْ لم تبطل في الواقع. نعم، لو كان عالماً بأن الثوب له لكان راضياً باطناً ببيعه من غيره، ولكن الرّضا التقديري ـ ولا سيّما الباطني ـ لا أثر له. كما أنه لا وجه لأن يحتمل أن في ردّ الثوب إجازةً ضمنيّة بأنْ يبيعه من أيّ أحد شاء، على أنّه قد ردّه بعنوان الإقالة، فلا يبقى موضوع للإجازة.
فما وجه صحّة المعاملة الثانية بعد الإقالة الفاسدة؟
لقد أجاز الميرزا الاستاذ ـ في الدّورة الاولى من بحثه ـ عود الضمير في «صاحبه» إلى «الثوب».(3)
ولكنّ الإنصاف أن الضمير يرجع إلى المشتري الأوّل، وإرجاعه إلى الثوب خلاف الظاهر جدّاً.
ويمكن شرح القضيّة على نحوين:
الأوّل: أنْ نقول: إنّ ردّ الثوب بقصد الإقالة، ظاهر في جعله تحت اختيار البائع بعنوان أنه ملك له، فله أنْ يفعل به ما شاء، فإذا باعه فقد وقع عن رضا من المشتري الأوّل، فهو بيع صحيح، غير أنه يردّ عليه ما زاد من الثمن.
وعلى هذا، فالرّواية خارجة عن مسألة الفضولي.
والثاني: أن نقول: بأنه قد ردّ الثوب واعتقد أنه قد خرج عن ملكه، فلمّا وقعت المعاملة الثانية وأراد البائع ردّ الزائد إليه، علم المشتري الأوّل بكونه مالكاً للثوب، فإذا أخذ الزائد دلّ أخذه على رضاه، وكان إجازةً عمليّة بالمعاملة الثانية. وبهذا تدخل الرّواية في المسألة]1[.

]1[ وحاصل كلام الميرزا في الدورة الاولى أن كون الخبر من الفضولي محلّ كلام. وأمّا في الدورة الثانية، فاختار خروجه بلاكلام.(4)
وقال السيّد ـ في التعليق على قول الشّيخ: فإن الحكم برّد ما زاد… : هذا بناءً على ما هو الظاهر من كون المراد من ردّه على صاحب الإقالة بوضيعة فإنّها باطلة حينئذ، ويبقى الثوب على ملك المشتري لعدم صحّة الإقالة بزيادة أو نقيصة وإنْ كان على وجه الإشتراط، لأن مقتضى الفسخ بها رجوع كلٍّ من العوضين إلى مالكه، فلا يكون هناك سبب لملكيّة البائع ما نقص في صورة الوضيعة، ولا لملكيّة المشتري ما زاد عن الثمن في صورة الزيادة.
ويمكن ـ على بعد ـ أنّ يحمل على شرائه ثانياً من المشتري بوضيعة، وحينئذ، فيكون المراد من عدم الصلاح الكراهة ومن ردّ الزيادة ردّها على وجه الاستحباب،

(1) وسائل الشيعة 18 / 71، كتاب التجارة، أبواب أحكام العقود، الباب 17 رقم: 1.
(2) منية الطالب 1 / 218، المكاسب والبيع 2 / 30 ـ 31.
(3) منية الطالب 1 / 220.
(4) المكاسب والبيع 2 / 31 ـ 32.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *