الكلام على الدليل الثاني

الكلام على الدليل الثاني
واستدلّ الشّيخ ثانياً بآية التجارة عن تراض.
وقد أشكل بأنّ المراد: إلاّ أنْ تكون تجارة منكم. بأن تكون صادرةً عن المالك، فلا يتم الاستدلال(1).
وهو بظاهره دعوى بلا دليل. ولكنْ يمكن تقريبه: بأنّ التّراضي تفاعل، وهيئة التفاعل موضوعة لصدور المبدء من الطرفين، وكلمة «عن» موضوعة للتجاوز، بأنْ يبيع البائع عن رضا ويشتري المشتري عن رضا. إذن، فالتجارة التي يترتب عليها الأثر هي الصّادرة منكم عن الرّضا.
ويرد عليه:
أمّا نقضاً، فبعدم تماميّة الاستدلال بالآية لو أجاز المالك البيع الفضولي بصراحة، لعدم كونه صادراً عن المالك، وكذا لو قيل له: أبيع دارك؟ فأخبر عن رضاه بذلك.
وأمّا حلاًّ، فإنّ استثناء التجارة عن تراض، من الأكل بالباطل، والمقابلة بينهما، ظاهر في دخل الرّضا وشرطيّته في صحّة المعاملة وحليّة الأكل، وكلمة «عن» الظاهرة في التجاوز، تفيد هنا ترتّب الصحّة والحليّة على التجارة الواقعة عن الرّضا، والمفروض تحقّق الرّضا المقارن في بيع الفضولي. فالاستدلال تام. هذا أوّلاً.
وثانياً: إنّ الظّاهر كون «التجارة» اسم مصدر، وهو صادق هنا يقيناً، بمناسبة اقترانه بالرّضا الباطني.
وتحصّل: أن التجارة عن الرّضا الباطني تجارةٌ عن تراض، لا سيّما بالنظر إلى ما أفاده الشيخ سابقاً من أن قوله (عَنْ تَراض) قيد وارد مورد الغالب، إذ الدلالة حينئذ أوضح.
فإنْ قلت:
يعتبر في العقود أنْ تكون إنشائيّة في جميع جهاتها حتى الشرائط.
قلت:
لا دليل على ذلك، بل اللّفظ كاشف عن الرّضا الذي هو المناط وطريق إليه، فلا موضوعيّة له حتى يعتبر.]1[.

(1) حاشية السيد 2 / 101، منية الطالب 1 / 210.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *