أدلة الشيخ على عدم الشمول

أدلة الشيخ على عدم الشمول
ثم إنّ الشّيخ اختار عدم الشمول، واستدلّ له بخمسة وجوه:
الأوّل: قوله تعالى: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(1) فإنه عام لجميع العقود، خرج عنه بالتّخصيص ما لم يُجزه المالك وما لم يرض به، ومع الشك في خروجه إن كان بالرّضا المقارن فالأصل عدم التخصيص، فيرجع إلى العام ويكون صحيحاً مؤثّراً.
والثاني: قوله تعالى: (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراض)(2)، إذ النهي عن الأكل كناية عن الفساد، واستثناء التجارة عن تراض كناية عن صحّة الأكل بالتجارة عن تراض، وبيع الفضولي المقرون برضا المالك من مصاديق المستثنى.
والثالث: رواية: لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفسه.(3) بتقريب: إنه بإطلاقه يدلّ على حليّة ما يأخذه المشتري له من الفضولي، والحليّة لا تنفك عن صحّة العقد.
والرابع: ما دلّ من النصوص(4) على أن علم المولى بنكاح العبد وسكوته إقرار منه، ومن ذلك: ما أخرجه الشيخ عن الحسن بن زياد قال قلت لأبي عبدالله عليه السلام: إني كنت رجلا مملوكاً، فتزوّجت بغير إذن مولاي، ثم أعتقني الله بعد، فاُجدّد النكاح؟ قال فقال: علموا أنك تزوّجت؟ قلت: نعم قد علموا فسكتوا ولم يقولوا لي شيئاً. قال: ذلك إقرار منهم، أنت على نكاحك.
وما أخرجه الكليني عن معاوية بن وهب، قال: جاء رجل إلى أبي عبدالله، فقال: إنى كنت مملوكاً لقوم، وإني تزوّجت امرأة حرّةً بغير إذن مواليّ، ثم أعتقوني بعد ذلك، فاُجدّد نكاحي إيّاها حين اعتقت؟
فقال له عليه السّلام: أكانوا علموا أنك تزوّجت امرأة وأنت مملوك لهم؟ فقال: نعم وسكتوا عنّي ولم يغيروا علىّ. قال فقال: سكوتهم عنك بعد علمهم إقرار منهم. اثبت على نكاحك الأوّل.
والخامس: رواية عروة البارقي(5) حيث أقبض المبيع وقبض الدينار، لعلمه برضا النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولو كان فضوليّاً موقوفاً على الإجازة، لم يجز التصرّف في المعوّض والعوض بالقبض، وتقرير النبي له على ما فعل دليل على جوازه، والجواز لا ينفك عن الصحّة.
قال:
ثم لو سلّم كونه فضوليّاً، لكنْ ليس كلّ فضولي يتوقف لزومه على الإجازة، لأنه لا دليل على توقفه مطلقاً على الإجازة اللاّحقة.
قال: مع أنه يمكن الاكتفاء في الإجازة بالرّضا الحاصل بعد البيع المذكور آناًمّا، إذ وقوعه برضاه لا ينفك عن ذلك مع الالتفات.
واستشهد لذلك: بأنّ كلمات الأصحاب في بعض المقامات، يظهر منها خروج هذا الفرض عن الفضولي وعدم وقوفه على الإجازة، مثل قولهم في الاستدلال على الصحّة: إن الشرائط كلّها حاصلة إلاّ رضا المالك…
وعلى الجملة، فهذا الفرض ليس من مصاديق الفضولي.

(1) سورة المائدة: 1.
(2) سورة البقرة: 282.
(3) عوالي اللآلي 2 / 113 رقم: 309.
(4) وسائل الشيعة 21 / 117، الباب 26 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
(5) مستدرك الوسائل 13 / 245، كتاب التجارة، الباب 18 رقم: 1.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *