الأولى في الفرق

الأولى في الفرق
ثم قال الشيخ:
فالأولى في الفرق ما ذكرنا: من أنّ الغالب في البيع والإجارة هو قصد المخاطب لا من حيث هو بل بالاعتبار الأعم من كونه أصالةً أو عن الغير. ولا ينافي ذلك عدم سماع قول المشتري في دعوى كونه غير أصيل. فتأمّل. بخلاف النكاح وما أشبهه، فإنّ الغالب قصد المتكلّم للمخاطب من حيث أنه ركن للعقد.
أقول:
هذا الفرق هو الصحيح، فإنّ الغالب في البيع هو المبادلة بين المالين، ولا يلحظ شخص البائع والمشتري، بخلاف النكاح والوصيّة والوقف وشبهها، فإنّ الملحوظ فيها الأشخاص بأنفسهم، وقد تقدّم منا ذلك أيضاً.
وقد أشكل السيّد على قوله: «ولا ينافي ذلك… فتأمّل» قائلاً:
لعلّ الوجه أنّه إذا كان الغالب في مثل البيع ما ذكر من قصد المخاطب بالعنوان الأعم، فظهور إرادة المشتري الخصوصية يكون ملغى، ومع ذلك فلاوجه لمراعاته في مقام التنازع، وعدم سماع دعوى المشتري من جهته، فالمنافاة بين هذا الوجه وعدم سماع قول المشتري حاصلة، ولا وجه لمنعها، فتدبّر.(1)
والحق أنّ تأمّل الشيخ إشارة إلى ما تقدّم منا من أنّ كاف الخطاب إنّما تسقط عن الظهور في البيوع المتعارفة، وأمّا سقوط «تاء المتكلّم» فلا دليل عليه، بل هو ظاهر في الأصالة.
وبهذا يظهر وجه اندفاع كلام السيد رحمه الله.

قال الشيخ:
بل ربما يستشكل في صحّة أنْ يراد من القرينة المخاطب من حيث قيامه مقام الأصيل، كما لو قال: «زوّجتك» مريداً له باعتبار كونه وكيلاً عن الزوج… ولعلّ الوجه عدم تعارف صدق هذه العنوانات على الوكيل فيها… بخلاف البائع والمستأجر. فتأمّل حتى لا تتوهم رجوعه إلى ما ذكرنا سابقاً واعترضنا عليه.
أقول:
وما ذكره متينٌ جدّاً، وتوضيحه:
إنه يلزم دائماً في استعمال الألفاظ رعاية القوانين المتّبعة في المحاورات العامّة، وكلّ لفظ اُريد استعماله في غير معناه الحقيقي الموضوع له، فلابدّ وأنْ يكون استعماله في المعنى المجازي الذي صحّ استعماله فيه في المحاورات عند عموم أهل اللّسان وكان متعارفاً عندهم. وعليه، فإنّ استعمال كاف الخطاب في البيع في الأعمّ من المعنى الحقيقي والتنزيلي ـ كالوكيل ـ متعارف وشائع عند أهل اللّسان في محاوراتهم. وأمّا في غير البيع، كالنكاح والوصيّة وشبههما من الموارد التي تلحظ فيها الأشخاص، فلا، حتى مع القرينة القطعيّة، لعدم كون ذلك شائعاً متعارفاً بين أهل المحاورة.

(1) حاشية المكاسب 2 / 37.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *