و ببيان آخر

و ببيان آخر:
لقد اختار الشّيخ أن بدل الحيلولة بدلٌ عن السّلطنة، وهو يقتضي إباحة جميع التصرّفات، لكنّ مقتضى قاعدة اليد هو ملكيّة البدل ولولا الملكية لما صدق عنوان البدل، وأمّا قاعدة السّلطنة، فإنّ السّلطنة إمّا مضافة إلى العين، فإنّ بدل الملك هو الملك، وإمّا مضافة إلى التصرّفات، فهي حكم وضعي شرعيّ، وقد انتفى هذا الحكم بتعذّر موضوعه وهو العين، فتكون السّلطنة ساقطةً بسقوط موضوعها، وحينئذ لا معنى للبدل عن الحكم الشّرعي. وإنْ كان مراده من السّلطنة القدرة على التصرّف في المال خارجاً، فإنه إذا انتفت القدرة الخارجيّة بفعل الغاصب كان عليه دفع ما يتدارك به تلك القدرة، لا أن يدفع ما هو بدل عن ماليّة العين.
فالقول بالإباحة إستناداً إلى قاعدة السّلطنة ممنوع.
ولو تنزّلنا عن ذلك، ووافقنا الشّيخ فيما ذهب إليه من الإباحة، لكنّ 0القول بإباحة التصرّفات المتوقّفة على الملك كالبيع والعتق ونحوهما، فيه:
إنّ الإباحة معلولة للملكيّة، بل التصرّفات غير المتوقّفة على الملك موقوفة على إذن المالك ـ وهذا خارج عن البحث ـ أو انتقال البدل إلى مالك العين على وجه الملكيّة حتّى يتصرّف فيه كيفما شاء، أللهم إلاّ أنْ يدّعى خروج ما نحن فيه عمّا يدلّ على عدم جواز بيع مال الغير أو عتقه أو غير ذلك من أنحاء التصرّف في مال الغير بدون إذنه، إمّا تخصيصاً أو تخصّصاً، ولكنْ قد تقدّم أنْ لا دليل على الإباحة. ولو سلّمنا وجود هكذا دليل، ودار أمره بين التخصيص للأدلّة العامّة أو التخصّص بأنْ يكون ملكاً، فقد تقرّر تقدّم التخصّص، فسقط القول بالإباحة.
وتلخص:
أوّلاً: لا معنى لبدل السّلطنة.
ثانياً: سلّمنا، لكنّ الدليل القائم على الإباحة للتصرفات إمّا يكون مخصّصاً للعمومات، وإمّا يكون مخرجاً للمورد تخصّصاً بأنْ يدلّ على الملك، والتخصص هو المقدّم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *