توجيه الاستدلال

توجيه الاستدلال
قال الشيخ:
نعم، يمكن توجيه الاستدلال المتقدّم من كون العين مضمونة في جميع الأزمنة: بأن العين إذا ارتفعت قيمتها في زمان…
أي: إنّ العين قد ارتفعت قيمتها في أثناء المدّة، وكان من بيده العين حائلاً بينها والمالك فلم يمكنه الانتفاع بها حتى تلفت، والحيلولة سبب من أسباب الضّمان، فعليه دفع بدل العين حين التلف والمقدار الكذائي من القيمة.
والحاصل: إن مناط الضمان هو الحيلولة، وللعين في كلّ زمان من الأزمنة من أوّل الغصب إلى حين التلف قيمة حال الغاصب دون سلطنة المالك عليها، فإنْ ردّت العين سالمةً إليه فلا مال سواها يضمن، وأمّا ارتفاع القيمة السّوقيّة في الأثناء، فهو أمر اعتباري لا يضمن بنفسه لعدم كونه مالا. وبعبارة اخرى: إزدياد المالّية لايعدّ مالا عرفاً حتى تشمله أدلّة الضّمان، لأنّ موضوعها هو «المال». وإنْ تلفت استقرّت المرتبة العالية في ذمّة الغاصب، لدخول الأدنى تحت الأعلى، نظير ما لو فرض للعين منافع متضادّة، حيث أنه يضمن الأعلى منها.
أقول:
إنّ المناط في سببيّة الحيلولة للضمان هو انقطاع سلطنة المالك على ملكه وإزالة يده عليها مع تعذّر ردّها إليه، وهذا المناط غير متحقّق هنا، لتمكّن الغاصب من ردّ العين إلى المالك. هذا أوّلاً.
وثانياً: إنّ الضمان عبارة عن التعهّد بالبدل، وماليّة القيمة الراقية لا بدل لها حتى تضمن.
وثالثاً: جعل ردّ العين تداركاً للماليّة الراقية الفائتة غير معقول، لأنّ معنى التدارك أنْ يكون الشيء المتدارك به واجداً للفائت، والعين غير واجدة للقيمة الراقية الحاصلة في الأثناء.
فما ذكره لتوجيه الاستدلال المتقدّم، غير وجيه، والله العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *