القول بضمان أعلى القيم و الاستشهاد له بالصحيحة

القول بضمان أعلى القيم و الاستشهاد له بالصحيحة
قال
وأضعف من ذلك الاستشهاد بالرواية على اعتبار أعلى القيم من حين الغصب إلى التلف…
قال الشهيد الثاني(1) باعتبار أعلى القيم من حين الغصب إلى التلف، ولو قال بأعلى القيم من يوم الغصب ومن يوم التلف لكان له وجه. لأنّ الإمام عليه السّلام قال: «قيمة بغل يوم خالفته». وبمقتضى القرينة العقليّة من عدم إمكان القول بأنّ ضمان المغصوب أسوء حالاً من سائر الموارد، يتعيّن أعلى القيم بين اليومين.
والمراد من أعلى القيم من يوم الغصب إلى يوم التلف، هو زيادة قيمة البغل وتنزّلها منذ الغصب إلى التلف، فهو ضامن لأعلى القيم في جميع الأزمنة بين اليومين.
قال الشيخ:
لم يعلم لذلك وجه صحيح، ولم أظفر بمن وجّه دلالتها على هذا المطلب.
أقول:
قال في الجواهر في قوله عليه السّلام: «نعم، قيمة بغل يوم خالفته»:
ألّلهم إلاّ أنْ يقال: إنه بناءً على تعلّق الظّرف بالفعل المستفاد من قول «نعم» يكون المراد: أن ابتداء الضّمان من ذلك اليوم إلى يوم التلف، فيضمن الاّعلى منه حينئذ، بل إن جعل متعلّقاً بالقيمة يكون المراد منه ذلك أيضاً، لعدم معقوليّة ضمان القيمة مع وجود العين، فيكون الحاصل أنه تلزمه القيمة مع العطب من يوم المخالفة.
ثم قال: إلاّ أن ذلك كلّه كماترى تجشّم…(2)
وشيخنا الأستاذ قرّب هذا القول ثم أجاب عنه. قال:
ويمكن أنْ يقال: في تقريب الاستدلال المذكور من أنَّ العين مضمونة في جميع الأزمنة، أنّ المراد كون العين في العهدة في جميع الأزمنة وهي أمر فعليّ مستمر من حين وضع اليد عليها إلى أنْ تُؤدّى أو تُتَدَارك ببدلها، وعهدة العين بلحاظ ماليّتها، وما لا مالية له لا عهدة ولا خسارة له، فإنَّ حيثيّة ردّ العين لمراعاة جهة ملكيتها، وحيثيّة عهدتها وغرامتها بلحاظ حيثيّة ماليّتها.
ومن الواضح أنَّ عهدة العين في كلّ زمان بلحاظ ماليّتها في ذلك الزمان لابلحاظ ماليتها سابقاً أو لاحقاً، إذْ العين المنسلخة عن الماليّة في ذلك الزمان ليس لها عهدة في ذلك الزمان، فجميع تلك الماليّات في قطعات الأزمنة في عهدة ذي اليد، وتسقط جميع هذه العهدات، إمَّا بأداء العين المجعول غايةً للعهدة أو بتداركها، وتداركها بأداء القيمة العليا تدارك للجميع، إذْ الكلّ داخل فيها، وليست للعين ماليات متجددة بل مالية واحدة مستمرة تزيد وتنقص.
والجواب: ما ذكرنا سابقاً من أنّ عهدة العين ما دامت موجودة غيرمقتضية للتدارك، لعدم معقولية ذلك، بل المالية التي هي بتبع العين في العهدة مالية أدائية لا ماليّة تداركيّة، والماليّة التالفة بتلف العين هي التداركيّة لانقطاع التكليف بأدائها وهي الماليّة حال التلف، وسائر الماليّات غيرتالفة بتلف العين بل بتنزّل القيمة السّوقيّة، فلا تدارك لها من حيث تدارك العين التالفة بماليّتها.(3)
والميرزا الاستاذ(4) ـ قدّس سرّه ـ ذكر وجهاً آخر لدلالة الصحيحة على هذا القول، وتقريبه:
إن كلّ قيد يكون في الموضوع أو في ملابسات القضيّة، فله دخل في الحكم، فلو قال: أكرم زيداً العالم عند مجيئه في يوم الجمعة، كان لكلٍّ من هذه الخصوصيّات دخل في وجوب الإكرام، إذ لولا تأثيرها في الملاك لما اُخذت في موضوع الحكم، ولذا لو علم بالقرينة بعدم دخل بعضها رفع اليد عنه وكان الدخل لما عداه.
وعلى هذا، فإنّ قوله عليه السّلام: «نعم، قيمة بغل يوم خالفته» ظاهر في أنّ المخالفة تمام العلّة للضّمان ولا دخل لـ«اليوم»، وكلّ جزء من أجزاء أزمنة كون البغل في يد الآخذ مصداقٌ للمخالفة، نعم، حدثت المخالفة من ذلك اليوم، وحينئذ، فإنّ مورد الضمان يكون أعلى قيم البغل الذي وصل إليه في بعض أزمان المخالفة، وسائر مراتب قيمته مندكّة في تلك المرتبة، فالواجب دفع أعلى القيم في تلك المدّة.
أقول:
إنّ هذا الوجه وإنْ كان غير بعيد، لكنّ دلالة الصحيحة على اعتبار المخالفة أوّل الكلام، والقول بأعلى القيم غير معقول كما سيظهر.

(1) مسالك الأفهام 2 / 209.
(2) جواهر الكلام 37 / 104.
(3) حاشية المحقق الإصفهاني 1 / 421 ـ 422.
(4) منية الطالب 1 / 150 ـ 151.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *