الكلام حول صحيحة أبي ولاّد / صحيحة أبي ولاّد

الكلام حول صحيحة أبي ولاّد
صحيحة أبي ولاّد
كما في التهذيب قال: اكتريت بغلاً إلى قصر بني هبيرة ذاهباً وجائياً بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي، فلمّا صرت إلى قرب قنطرة الكوفة خُبّرت أنّ صاحبي توجّه إلى النيل(1)، فتوجّهت نحو النيل، فلمّا أتيت النيل خُبّرت أنّه توجّه إلى بغداد، فأتبعته فظفرت به وفرغت فيما بيني وبينه، ورجعت إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوماً، فأخبرت صاحب البغل بعذري، وأردت أن أتحلّل منه فيما صنعت واُرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهماً فأبى أن يقبل.
فتراضينا بأبي حنيفة، وأخبرته بالقصّة وأخبره الرجل.
فقال لي: ما صنعت بالبغل؟
فقلت: قد رجعته سليماً.
قال: نعم، بعد خمسة عشر يوماً!
قال: فما تريد من الرجل؟
قال: اُريد كرى بغلي فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوماً.
فقال: إنّي ما أرى لك حقّاً; لأنّه اكتراه إلى قصر بني هبيرة فخالف فركبه إلى النيل وإلى بغداد، فضمن قيمة البغل وسقط الكرى، فلمّا ردّ البغل سليماً وقبضته لم يلزمه الكرى.
قال: فخرجنا من عنده، وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته ممّا أفتى به أبو حنيفة، وأعطيته شيئاً وتحلّلت منه.
وحججت تلك السنة، فأخبرت أبا عبدالله عليه السّلام بما أفتى به أبو حنيفة، فقال:
في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءَها وتمنع الأرض بركتها.
قال: فقلت: لأبي عبدالله عليه السّلام: فما ترى أنت؟
قال: أرى له عليك مثل كرى البلغ ذاهباً من الكوفة إلى النيل، ومثل كرى البغل من النيل إلى بغداد، ومثل كرى البغل من بغداد إلى الكوفة، وتوفّيه إيّاه.
قال: قلت: جُعلت فداك، قد علفته بدراهم، فلي عليه علفه؟
قال: لا، لأنّك غاصب.
فقلت: أرأيت لو عطب البغل أو أنفق، أليس كان يلزمني؟
قال: نعم، قيمة بغل يوم خالفته.
قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو عقر؟
فقال: عليك قيمة ما بين الصحّة والعيب يوم تردّه عليه.
قلت: فمن يعرف ذلك؟
قال: أنت وهو، إمّا أن يحلف هو على القيمة فيلزمك، فإن ردّ اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمك ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أنّ قيمة البغل حين اكتري كذا وكذا فيلزمك.
قلت: إنّي أعطيته دراهم ورضي بها وحلّلني.
قال: إنّما رضي فأحلّك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم، ولكن ارجع إليه وأخبره بما أفتيتك به، فإن جعلك في حلٍّ بعد معرفته، فلا شيء عليك بعد ذلك…» الخبر(2).

(1) بلدة صغيرة في ضواحي الكوفة.
(2) التهذيب 7/215 . و الصحيحة في وسائل الشيعة 13/255 عن الكافي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *