الأصل ضمان التالف بقيمة يوم التلف / القول بضمان يوم القبض لصحيحة أبي ولاّد

الأصل ضمان التالف بقيمة يوم التلف
وقد قوّى الشيّخ قدّس سرّه القول بقيمة يوم التلف، قال:
وممّا ذكرنا ظهر أنّ الأصل في ضمان التالف: ضمانه بقيمته يوم التلف…
وذلك، لما تقدّم من أنّ القيمة هي البدل للعين التالفة، فكما لو كانت العين موجودةً وجب عليه دفعها إلى المالك، يكون الواجب عليه دفع قيمتها يوم التلف، وإلاّ لم تتحقّق البدليّة]1[.
ثم استدرك قائلاً:
نعم، لو تمّ ما تقدّم عن الحلّي(1) في هذا المقام من دعوى الإتّفاق على كون المبيع فاسداً بمنزلة المغصوب… بل يمكن أن يقال…
وحاصله: إنه إنْ تمّ هذا الإجماع، نزّل المأخوذ بالعقد الفاسد بمنزلة المغصوب في الحكم بالضّمان، وقد قام الدليل في الغصب أنه بقيمة يوم الغصب لو تلف، فالواجب دفع قيمة يوم القبض لا يوم التلف.
القول بضمان يوم القبض لصحيحة أبي ولاّد
بل يستكشف من صحيحة أبي ولاّد ـ بناءً تماميّة دلالتها ـ أن المراد من إطلاقات الضّمان هو يوم القبض، وإلاّ

]1[ وخالف السيّد، فقال: بأنّ مقتضى القاعدة هو كون العين في العهدة إلى حال أداء العوض والخروج عن العهدة، ولازم ذلك كون المدار على قيمة يوم الدفع.(2)
وكذا المحقق الخراساني(3)
ووجه الخلاف ـ كما صرّحابه ـ هو القول ببقاء العين على العهدة، ومقتضى ذلك دفع ما هو قيمته كذلك، وليست إلاّ قيمة يوم الدفع.
والحاصل: إن الشيخ يقول بأنّه بمجرّد التلف تنتقل العين إلى القيمة وتشتغل الذمة بها فالملاك قيمة يوم التلف. والمحقّقان المذكوران يقولان ببقاء العين في عالم الأعتبار على العهدة، فالملاك قيمة يوم الأداء، لأنّ هذا مقتضى أدّلة الضمّان كحديث اليد وغيره، ولاينافي ذلك شئ من الأخبار، كما هو صريح السيّد، وإذا وجد المقتضي وعدم المانع، فلا وجه لرفع اليد عن ذلك.
لكنّ الكلام كلّه في وجود العين على العهدة اعتباراً، فإنّ أهل العرف ـ وهم الذين اُلقيت عليهم أدّلة الضمان ـ لا يفهمون منها ذلك، بل المرتكز في أذهانهم اشتغال الذمّة بدفع العين أو بدلها يوم تلفها، لا أنها باقية على العهدة مع التلف، فلامقتضي لما ذكرا، بل هو مناف لظواهر الأخبار المذكورة وغيرها، فالمانع أيضاً موجود. فتدبّر.
يلزم أنْ يكون المغصوب عند كون قيمته يوم التلف أضعاف ما كانت يوم الغصب، غير واجب التدارك عند التلف…
وهذا ممّا لا يلتزم به، إذ لا يمكن القول بأنّ الغصب أهون من سائر موارد الضمانات، بل الغاصب يؤخذ بأشقّ الأحوال.
وتلخّص:
أنه إذا كان المأخوذ بالعقد الفاسد بمنزلة المغصوب، وكانت الصحيحة دالّةً على أن على الغاصب دَفع قيمة يوم القبض لو تلف المغصوب، كانت النتيجة وجوب دفع قيمة يوم الضمان لو تلف المأخوذ بالعقد الفاسد. فهل تدلّ صحيحة أبي ولاّد على ما ذكر أوْلا؟

(1) كتاب السرائر في الفقه 2/479 .
(2) حاشية المكاسب 1 / 495 ـ 496.
(3) حاشية المكاسب: 23.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *