التّاسع / ضمان القيمي بالقيمة

كتاب البيع
من ابحاث
الفقيه المحقق العظيم والأصولي الفذ المرجع الديني الكبير وآية الله العظمى السيد محمدهادي الحسيني الميلاني
المتوفى سنة 1395 هـ
تقرير و شرح السيد علي الحسيني الميلاني
الجزء الثالث
مركز الحقائق الاسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
ضمان القيمىّ بالقيمة
التّاسع(1)
ضمان القيمي بالقيمة
لو كان التالف المبيع فاسداً قيميّاً، فقد حكي الاتّفاق على كونه مضموناً بالقيمة، ويدلّ عليه… .
ذكر الشيخ أنّ الضمان في القيميّات بالقيمة، إمّا للنصوص الخاصّة المصرّح فيها بالقيمة أو الثمن، و إمّا لإطلاقات الضمان المنزّلة على المتعارف بين الناس، والعرف يرى في القيميّات القيمة، على تأمّل فيما لو كان للشيء التالف مماثلٌ من جميع الجهات… وإمّا لدعوى الإجماع]1[.

]1 [قد اكتفى قدّس سرّه بالإشارة إلى ما يستدلّ به لضمان القيمي بالقيمة، ولم يتكلّم على تلك الأدلّة، ولعّله لكون المسألة مفروغاً عنها.
ولابأس بالتعرّض لبعض الكلام حولها، لما فيه من الفوائد العلميّة. وقد ذكر السيّد الخوئي ما حاصله أن ذلك، للدليل القائم عليه، وإلاّ، فإن مقتضى القاعدة هو الضمان بالمثل حتى في القيميّات.(2)
وقد اعترضه شيخنا دام بقاه بأنْ لاقاعدة تقتضي ذلك، بعد القول بعدم تماميّة قاعدة اليد، وعدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة، كما هو المختار عنده قدّس سرّه.
وأمّا الأدلّة، فهي:
1. الإجماع. لكنّ الإجماع المدّعى في المسألة مستند إلى الأدلّة، ولايصلح لأنْ يكون دليلا على الفتوى.
2. آية الإعتداء، وقد استدّل بها بعض المحققين(3) على ثبوت الضمان بالقيمة مطلقاً. ولكنّ هذه الآية ـ بغضّ النّظر عمّا أفاده السيّد الجّد وغيره في الاستدلال بها ـ تدلّ على ضمان المثل في القيمىّ عند التمكّن منه.
3. الإطلاقات، فإنّ مقتضى أدلّة الضّمان في القيميّات هو ذلك بحسب المتعارف.
وأشكل الشيخ على هذا الوجه بوجهين: أحدهما: أن المتيقّن من هذا المتعارف ما كان المثل فيه متعذّراً. والآخر: دعوى انصراف الإطلاقات لصورة تعذّر المثل كما هو الغالب.
وقد اُجيب عن الثاني: بأنّ غلبة الوجود ليست منشأً للإنصراف كما تقرّر في محلّه في علم الاصول.
وعن الأوّل: بأن الذي عليه المتعارف أن المثلي هو ماله مثل نوعاً وإنْ لم يوجد بالفعل، والقيمّي هو ما ليس له مثل نوعاً وإنْ وجد نادراً.(4)
وقد أفاد شيخنا دام بقاه: بأن السّيرة في باب الضّمانات قائمة على أداء ما هو الأقرب إلى العين وهو المثل، فإنْ لم يكن فالقيمة، فصحيحٌ أنّ الملحوظ هو النوع، ولكنْ لو اتّفق حصول المثل للقيمي حكموا بلزوم دفعه ولم ينظروا إلى ندرة وجوده.
وإذا كان هذا مراد الشيخ لم يرد عليه الإشكال المذكور.
4. الأخبار المتفرّقة في كثير من القيميّات، كالأخبار عن المملوك بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه. قال عليه السّلام: «هذا فسادٌ على أصحابه، يقوّم قيمةً ويضمن الذي أعتقه، لأنه أفسده على أصحابه».(5) دلّت على وجوب القيمة سواء وجد للعبد مثلٌ أولا، وهي ظاهرةٌ في الإتلاف، فلايرد على الاستدلال بها إشكال بعض المحققين(6)
لكنّها في خصوص العبد من جهة، وفي خصوص الإتلاف من جهة اخرى، وكلامنا في مطلق القيمي، والمأخوذ بالعقد بالفاسد. وإلغاء الخصوصيّة مشكل.

(1) وهو السابع في كتاب المكاسب.
(2) مصباح الفقاهة 2/428.
(3) الايرواني في حاشية المكاسب: 98 الحجرية.
(4) حاشية المحقق الإصفهاني 1/399.
(5) وسائل الشيعة 23/37 ـ 38، الباب 18 من أبواب العتق، رقم: 5.
(6) المحقق إلايرواني في حاشية المكاسب: 101.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *