قضيّة الحجّاج مع يحيى بن يعمر

قضيّة الحجّاج مع يحيى بن يعمر
وروى الفخر الرازي بذيل قوله تعالى:
(ذُرّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْض)(1).
عن الشعبي قال: كنت عند الحجاج، فأتي بيحيى بن يعمر فقيه خراسان من بلخ مكبّلاً بالحديد، فقال له الحجاج:
أنت زعمت أن الحسن والحسين من ذريّة رسول الله؟
فقال: بلى.
فقال الحجّاج: لتأتيني بها واضحة بيّنة من كتاب الله أو لأقطعنّك عضواً عضواً.
فقال: آتيك بها واضحة بيّنة من كتاب الله يا حجاج!
قال: فتعجبت من جرأته بقوله: يا حجّاج!
فقال له: ولا تأتيني بهذه الآية: (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ)؟!
فقال: آتيك بها واضحة من كتاب الله وهو قوله: (وَنُوحًا هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرّيَّتِهِ داوُودَ وَسُلَيْمانَ) إلى قوله: (وَزَكَرِيّا وَيَحْيى وَعيسى) فمن كان أبو عيسى قد ألحق بذريّة نوح؟
قال: فأطرق مليّاً ثم رفع رأسه فقال: كأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله.
حلّوا وثاقة وأعطوه من المال كذا(2).
أقول:
وكأن الحجاج قد تعلّم هذا الاعتذار من عمر بن الخطّاب، فإنه أنكر موت النبي صلّى الله عليه وآله وجعل يهدّد من قال ذلك بالقتل، فلما جاء أبو بكر وقرأ الآية المباركة:
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)(3).
سكت عمر وقال:
كأنّي لم أسمع هذه الآية(4).

(1) سورة آل عمران، الآية: 34.
(2) تفسير الرازي 2 / 194.
(3) سورة الزمر، الآية: 30.
(4) شرح نهج البلاغة 12 / 195، الدرر لابن عبدالبر: 272، الصراط المستقيم 3 / 18، شرح الأخبار 1 / 146.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *