ما هو الملاك لهذا الائتمان

ما هو الملاك لهذا الائتمان
وحينئذ، يقع البحث عن الملاك لهذا الائتمان مع هذه السّعة والشموليّة في التصرّف وغيره؟
إنّ القابليّة والأهليّة للائتمان تختلف، فقد يكون الشخص مؤهّلاً لأنْ يودع عنده الشيء بقيمة مائة دينار مثلاً، ولا يطمئنّ به لأنْ يودع عنده إذا كان بقيمة ألف دينار، وهكذا… فما هي الصّفات التي جعلت أئمّة أهل البيت عليهم السّلام مؤهّلين لأن يكونوا اُمناء الله الرحمن على كلّ شيء من القرآن والشّريعة وجميع الكائنات، ومأذونين لأنْ يتصرّفوا في الأشياء ممّا يمكن التصرّف فيه كيفما شاؤا؟
والجواب:
أوّلاً: إنّ الأئمّة عليهم السّلام معصومون من المعصية والخطأ والنسيان.
وثانياً: إنهم عالمون بجميع المصالح والمفاسد، وبذلك روايات كثيرة، منها:
عن أبي عبدالله عليه السّلام: «إنّ الله أحكم وأكرم وأجلّ وأعظم وأعدل من أن يحتجّ بحجة ثم يغيب عنهم شيئاً من أُمورهم»(1).
وعنه أنه قال: «أترى من جعله الله حجّة على خلقه يخفى عليه شيء من أُمورهم»(2).
وثالثاً: إنهم مظاهر الرّحمة الإلهيّة الواسعة وقد جعل لهم الولاية العامّة، كما تقرّر في محلّه.
ومن النصوص الدالّة على ذلك الخبر عن أبي عبدالله الصّادق عليه السّلام أنه قال:
«ما من شيء ولا من آدمي ولا إنسي ولا جنّي ولا ملك في السّماوات إلاّ ونحن الحجج عليهم، وما خلق الله خلقاً إلاّ وقد عرض ولايتنا واحتجّ بنا عليه، فمؤمن بنا وكافر جاحد، حتى السّماوات والأرض والجبال(3).
ورابعاً: إنه أفضل من الملائكة الذين أوكل الله إليهم تدبير الأُمور وأشار إليهم بقوله:
(فَالْمُدَبِّراتِ أَمْرًا)(4).
وخامساً: إن الله سبحانه قد أدّبهم قبل أنْ يأتمنهم ويفوّض إليهم الأُمور وإدارة شئون العالم، كما في عدّة من النصوص.
وسادساً: إنّ الأئمّة لا يقدمون على شيء ولا يقومون بعمل إلاّ بإرادة من الله، كما في الأخبار الكثيرة، كالتي وردت بذيل قوله تعالى:
(وَما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ)(5).
كالخبر عن الإمام الهادي عليه السّلام: «إنّ الله تبارك وتعالى جعل قلوب الأئمّة مورداً لإرادته، وإذا شاء شيئاً شاؤا، وهو قول الله تعالى: (وَما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ).
وفي رواية اخرى:
فهم يحلّون ما يشاؤون ويحرّمون ما يشاؤون، ولن يشاؤوا إلاّ أن يشاء الله تبارك وتعالى(6).
فلا مجال للاستغراب ممّا ذكرناه بشرح الجملة، ولا يتوهم منه الغلوّ، وسنوضّح كلاًّ من هذه الأُمور في موضعه المناسب إن شاء الله.

(1) بصائر الدرجات: 123.
(2) بحار الأنوار 26 / 138.
(3) بحار الأنوار 27 / 46.
(4) سورة النازعات، الآية: 5.
(5) سورة الإنسان، الآية: 30.
(6) الكافي 1 / 441.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *