مناقشته

مناقشته
لكن يرد عليه :
أوّلاً : إنّ مقتضى ما ذكره من « أن الحكم الواقعي فيما أخطأت الأمارة ليس بمتحقّق إلاّ بالوجوب الإنشائي … كما هو الحال في جميع الأحكام الذاتيّة الإقتضائية المجعولة للأشياء بما هي عليها من العناوين الأوّلية ، وإنْ كانت أحكامها الفعليّة بسبب ما طرأت عليها من العناوين الثانوية على خلافها … » هو أنْ يكون الحكم الواقعي في المرتبة الاُولى من مراتب الحكم وهو مرتبة الشأنيّة والاقتضاء ، وأنْ يكون باقياً في هذه المرتبة ، لوجود المانع عن الملاك ، كما هو الحال في مثل الوضوء الضرري ، حيث أن مقتضى الدليل الأوّلي جعل الوضوء لكلّ المكلّفين ، لكنّه عند طروّ الضّرر على أحدهم يتبدّلُ الحكم إلى التيمّم ، ويتقدّم دليل نفي الضرر على الدليل الأوّلي بالحكومة ، ومقتضاها تخصيص الدليل الأوّلي ، لكونها حكومةً واقعيّة .
لكنّ الالتزام بكون الحكم الواقعي في مرتبة الشأنيّة ، هو القول بالتصويب المعتزلي ، وهو باطل .
وثانياً : إنّ مقتضى ما ذكره من أنّ فعليّة الحكم الإنشائي تكون بتحقّق البعث إليه أو الزجر عنه ، لكنّ هذه الفعليّة تختلف عن الفعليّة بالوصول ، لكون الوصول شرطاً للتنجّز لا الفعليّة ، فما لم يصل الحكم الذي قامت عليه الأمارة لا وجداناً ولا تعبّداً فهو باق في مرتبة الإنشاء ، وحينئذ يرد عليه :
إنّ كون الحكم في مرتبة الإنشاء ـ وهي المرتبة الثانية ـ لا معنى له إلاّ عدم تمامية الموضوع بجميع خصوصيّاته ، كما يكون قوله تعالى : ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ … )(1) إنشاءً ولا مستطيع ، ولا موجب لعدم تماميّة الموضوع هنا إلاّ الجهل ، فيلزم أنْ يكون العلم جزءً لموضوع الحكم ، فيختصّ الحكم بالعالِمين ، وهو باطل .

(1) سورة آل عمران : 97 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *