الأمر الأوّل

الأمر الأوّل
إنّ وظيفة المولى هو جعل الحكم وإيصاله إلى المكلّف بالطرق المتعارفة كإرسال الرسل ، فهو يرسل الرسول ويأمره بأن يبلّغ الحكم إلى وصيّه وهو يبلّغه إلى أصحابه وتلامذته ، وهكذا حتى يصل إلى عموم المكلّفين ، فإذا وصل إليهم تحقق البعث . وحينئذ ، يحكم العقل بوجوب الإنبعاث والامتثال .
والحكم العقلي بوجوب امتثال الحكم الشرعي والانبعاث عنه ، حكم استقلالي يستحيل وجود حكم شرعي وبعث مولوي في مورده ، لأن مرتبة البعث مقدّمة على مرتبة الانبعاث تقدّم العلّة على المعلول ، فلو وجد بعث في مرتبته انقلب المعلول علّةً وهو خلف، فالحاكم بوجوب الإطاعة للمولى وحرمة المعصية له هو العقل لا المولى ، وهو وجوب ذاتي ينتهي إليه وجوب كلّ واجب ، كما أنّ طريقيّة القطع كانت ذاتية وإليها تنتهي طريقيّة كلّ طريق .
هذا ، ولو كان وجوب الطاعة وحرمة المعصية حكماً مجعولاً من المولى ، لا ذاتيّاً من العقل ، لما وجب امتثال حكم من الأحكام الإلهية ، ضرورة أن وجوب الإنبعاث عنها لو كان مجعولاً غير ذاتي ، كان وجوب الانبعاث عن هذا الوجوب محتاجاً إلى جعل آخر ، وهكذا . فيدور أو يتسلسل . وهذا بخلاف ما إذا كان غير مجعول وكان ذاتيّاً ، فيكون وجوب كلّ واجب شرعي بعد وصوله إلى المكلّف داخلاً في هذه الكبرى العقليّة وتجب إطاعته بحكم العقل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *