التّنبيهُ السّابع: هل تجري الخيارات في المعاطاة؟

التّنبيهُ السّابع
قال الشيخ:
إن الشهيد الثاني ذكر في المسالك وجهين في صيرورة المعاطاة بيعاً بعد التلف أو معاوضة مستقلّة… .
أقول:
هل تجري الخيارات في المعاطاة؟
موضوع هذا التنبيه جريان الخيارات في المعاطاة وعدمه.
ولا يخفى: أن الخيار هو حلّ العقد، ونتيجته: رجوع كلٍّ من المالين إلى ملك صاحبه، وهذا المعنى موجود في المعاطاة قبل مجئ شيء من الملزمات، فهو تحصيل للحاصل.
ولا يتوهّم، جواز اجتماع سببين من أسباب الخيار في المورد الواحد، بأنْ يجوز الترادّ والخيار معاً، وذلك: لوضوح الفرق بين البابين، فهناك النتيجة غير حاصلة، بخلاف ما نحن فيه، فإن جواز الترادّ موجود.
وما ذكره الشهيد الثاني مبنيٌّ على ما عليه المشهور من إفادة المعاطاة للإباحة، فللفقهاء فيها مسالك ثلاثة: أنها تفيد الملك الجائز، وأنها تفيد الإباحة وتلزم بالتلف ونحوه، وأنها بيع والملكيّة ـ منوطة بالتلف ونحوه، كما في الصّرف والسلم، وهذا ما احتمله الشهيد الثاني واختاره المحقق الخراساني، وربما يظهر من بعض كلمات الشيخ.
ويقابل هذه الأقوال: القول بأنها معاوضة مستقلّة.
هذا، وقد قال الشّهيد بالتفصيل:
أمّا خيار العيب والغبن، فأثبتهما، لأن أصالة السّلامة في العوضين تقتضي عدم العيب، وأصالة التساوي بينهما تقتضي عدم الغبن، وهذان الأصلان جاريان في كلّ عقد من العقود.
وأمّا خيار الحيوان، مع تلف الثمن أو بعضه، فجريانه مشكل ـ أمّا مع تلف الحيوان، فلا خيار، بل المعاملة باطلة، لأنّ كل مبيع تلف في زمن الخيار فهو ممّن لا خيار له ـ ، إذ يحتمل أنْ تكون معاملةً مستقلَّة أو بيعاً مع الخيار، وعلى الخيار، فهل هو من حين المعاطاة أو التلف؟
قال: اللهم إلاّ أنْ يجعل المعاطاة جزء السّبب والتلف تمامه.
أي: فيكون نظير بيع الصّرف، حيث الإنشاء جزء السّبب والقبض في المجلس تمامه.
وأمّا خيار المجلس فقال بأنه منتف.
ولعلّه من جهة أنه قبل التلف لم يكن بيع، وبعده لا مجلس.
قوله:
وكيف كان، فالأقوى أنّها على القول بالإباحة بيع عرفيّ لم يصحّحه الشارع ولم يمضه إلاّ… .
أقول:
إن من يرتّب الأثر على التلف من الفقهاء لا يرتّبه من باب أن المعاطاة بيع، بل هو بلحاظ أنّ الإمضاء الشرعي للبيع المعاطاتي ليس إلاّ بعد التلف.
ثم إنه ذكر المحكّي عن الشهيد الأوّل من أنها معاوضة مستقلّة جائزة أو لازمة. أي بحسب حالتي المعاطاة، فهي ليست ببيع بل إباحة معوّضيّة، فأورد عليه: بأنه كيف تحصل الملكيّة، بل عليكم أنْ تقولوا بأنّها إباحة حصل لها اللّزوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *