لو امتزجت العينان أو احداهما

لو امتزجت العينان أو احداهما
قوله:
ولو امتزجت العينان أو احداهما، سقط الرجوع على القول بالملك، لامتناع الترادّ، ويحتمل الشركة وهو ضعيف. أمّا على القول بالإباحة، فالأصل بقاء التسلّط على ماله الممتزج… .
أقول: لابدّ من تقديم اُمور:
الأوّل: المقصود من الامتزاج هنا أن تكون الصّور النّوعيّة للأجزاء محفوظة ولا يختلط بعضها ببعض بسبب الامتزاج، وأنْ لا يكون الامتزاج سبباً لاستهلاك الأجزاء بحسب الحمل الشائع المتعارف.
والثاني: الامتزاج يقع تارةً: بين العينيين، واخرى: بين ما أخذه وسائر أمواله، وثالثة: بين المأخوذ وملك شخص ثالث، ورابعة: بينه وبين سائر أموال المعطي.
وسيظهر عدم امكان المساعدة مع الشيخ في أكثر الصور.
والثالث: إذا وقع الامتزاج بين العينيين، فهما شريكان على القول بالملك والقول بالإباحة، وعلى تقدير أن يمتزج ما كان في يد أحدهما مع مال لثالث، فصاحب المال الممتزج شريك معه على القولين. وأمّا لو امتزج ما بيد الآخذ مع سائر أمواله، فلا شركة بناءً على الملك كما هو واضح، وبناءً على الإباحة، فالشركة حاصلة. نعم، لو رجع المعطي، فهل تحصل الشركة أوْلا؟ فذاك بحث آخر. وعلى العكس فالعكس، فإنّه لو امتزج ما في يد الآخذ مع سائر أموال المعطي فلا شركة بناءً على الإباحة، وبناءً على الملك فالشركة.
والرابع: قد اختلفت الأنظار في حقيقة الشركة، هل هي الملكيّة الواحدة لمالكين مثلاً، فالملكيّة الواحدة قائمة باثنين، لكون الملكيّة من الامور الاعتباريّة، فتقبل القيام بأكثر من واحد، وأمّا على القول بكونها من مقولة الجدة أو الإضافة كما توهّم، فلا يعقل قيامها بموضوعين.
وهذا قول المشهور.
أو أنها ملكيّتان والمملوك واحد، فلكلٍّ منهما ملكيّة ناقصة بالنسبة إلى المملوك الواحد، فإنْ حصل الإفراز، فلكلٍّ الملكية التامّة. وهذا قول آخر.
والمشهور على أنّ حقيقة الشركة هي: أن الشيء الواحد في حدّ نفسه قابلٌ للانقسام بحسب الكسور، فالملكيّة واحدة والمالك متعدّد وكذا المملوك وهو الكسور، فكأن للملكيّة سنخين، استقلاليّة وإشاعيّة.
والخامس: الشركة الإشاعيّة تارةً: هي كذلك من أوّل الأمر، كما لو ورث جماعة المال الواحد، واخرى: تحصل الشركة بالامتزاج. وعلى الثاني: فوجهان، إذ يحتمل أن تبقى الأجزاء الواقعيّة على ملك صاحبها إلاّ أنّ الامتياز بينها في الخارج غير ممكن، أو أنها ـ كما عليه المشهور ـ تخرج عن الملكيّة الاستقلاليّة وتصير كلّها إشاعيّة؟
والسادس: إن مورد الكلام المتعاطيان اللّذان قصدا الملك، وقد قلنا بأنّ مقتضى العمومات كونه بيعاً ولازماً، وأنّ القول بالإباحة والملك الجائز خلاف ما تدلّ عليه العمومات والإطلاقات.
وعليه، فعندنا أصلان أحدهما أصالة الملك والآخر أصالة اللّزوم، وهما المرجع في كلّ ما كان خارجاً عن القدر المتيقَّن من دليل الإباحة أو الجواز.
وبعد:
لقد كان لكلٍّ من المتعاطيين ملك انفرادي استقلالي متعيّن في الخارج، والقدر المتيقّن من جواز الترادّ أن يرجع العينان على ما كانا عليه من الأوصاف والملكيّة، ولكنْ قد تغيّر الوصف بالامتزاج، وتبدّلت الملكيّة من الاستقلاليّة إلى الاشتراكيّة، فإذن: يمتنع الترادّ… .
وأمّا على القول بالإباحة، فقد قال الشيخ ببقاء أصالة السّلطنة، وظاهره ثبوت الشركة في جميع الصّور الأربعة.
ولكنّ التحقيق: ثبوت الإباحة ـ على القول بها ـ فيما لو بقيت العينان على ما هما عليه، ومع الامتزاج لا بقاء كذلك، فالمرجع الأصلان المذكوران، إلاّ في صورة امتزاج المأخوذ بمال المعطي، فيمكن الموافقة مع الشيخ فيها فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *