المسح على الرّجلين في الوضوء: الأقوال في المسألة

بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
بحثنا في مسألة المسح على الرجلين في الوضوء.
وهي مسألة علمية تحقيقيّة فقهيّة، مطروحة في كتب العلماء في الفقه والكلام والحديث والتفسير.
وأُلّفت في هذه المسألة رسائل كثيرة، لكون المسألة تتعلّق بالوضوء، والوضوء مقدّمة الصلاة، والصلاة عمود الدين، فريضة يقوم بها كلّ فرد من المكلّفين في كلّ يوم خمس مرات.
ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم كان يصلّي بالناس، ولعلّه كان يتوضّأ أمامهم وفي حضورهم، والصحابة أيضاً لا سيّما الملازمون له، المطّلعون على جزئيّات حالاته، لابدّ وأن يكونوا على اطّلاع من وضوئه صلّى اللّه عليه وآله وسلم، ومع هذه التفاصيل، وتعليم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم الوضوء للناس، نرى هذا الخلاف الشديد بين المسلمين في كيفيّة الوضوء.
وبحثنا الآن في مسألة المسح على الرجلين في الوضوء، وإلاّ فالمسائل الأُخرى المتعلّقةُ بالوضوء، التي وقع النزاع فيها بين المسلمين أيضاً موجودة، لكنّا نتعرّض الآن لمسألة المسح على الرجلين أو غسل الرجلين على الخلاف الموجود.

الأقوال في المسألة
الأقوال في هذه المسألة متعدّدة، فأجمعت الشيعة الإماميّة الإثنا عشريّة على أنّ الحكم الشرعيّ في الوضوء هو المسح على الرجلين على التعيين، بحيث لو أنّ المكلّف غسل رجله، وحتّى لو جمع بين الغسل والمسح بعنوان أنّه الواجب والتكليف الشرعي، يكون وضوؤه باطلاً بالإجماع.
هذا رأي الطائفة الإماميّة، ولهم على هذا الرأي أدلّتهم من الكتاب والسنّة المرويّة عن أئمّة أهل البيت سلام اللّه عليهم، وقد ادّعي التواتر في الروايات الدالّة على وجوب المسح دون الغسل، بل ذكر أنّ المسح في الوضوء من ضروريّات هذا المذهب.
إذن، لا خلاف بين الشيعة الإماميّة في وجوب المسح على التعيين، ولهم أدلّتهم.
وأمّا الآخرون، فقد اختلفوا:
منهم من قال بوجوب الغسل على التعيين، وهذا قول الأئمة الأربعة، والقول المشهور بين أهل السنّة.
ومنهم من قال: بوجوب الجمع بين المسح والغسل، وينسب هذا القول إلى بعض أئمّة الزيديّة وإلى بعض أئمّة أهل الظاهر.
ومن أهل السنّة من يقول بالتخيير، فله أن يغسل وله أن يمسح.
وسنذكر أصحاب هذه الأقوال في خلال البحث.
إلاّ أنّ المهمّ هو البحث عن المسح على وجه التعيين والغسل على وجه التعيين، فالقول بالغسل على وجه التعيين قول جمهور أهل السنّة، والقول بالمسح على التعيين قول الطائفة الشيعيّة الإماميّة الإثنى عشرية.
فلننظر ماذا يقول هؤلاء، وماذا يقول أؤلئك، ولنحقق في أدلّة القولين على ضوء الكتاب والسنة، لنتوصّل إلى النتيجة التي نتوخّاها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *