حديث الثقلين يفسّر الاثني عشر

حديث الثقلين يفسّر الاثني عشر:
وحينئذ، ننتقل إلى مفاد حديث الثقلين، لنفهم معنى حديث الثقلين بما يتعلّق ببحثنا هذه الليلة، وليكون حديث الثقلين مفسّراً لحديث الأئمّة الإثني عشر:
لاحظوا، رسول اللّه عندما يقول: «إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عَلَيّ الحوض»، معنى ذلك: إنّ الأئمّة من العترة باقون ما بقي القرآن، لا يفترقان ولا يتفرّقان، والحديث ـ كما قرأنا في تلك الليلة التي خصّصناها للبحث عن هذا الحديث ـ حديث صحيح مقطوع صدوره ومقبول عند الطرفين، فعندما يقول رسول اللّه: «إنّي تارك فيكم الثَقَلين أو الثقْلين»، فقد قرن رسول اللّه الأئمّة من العترة بالقرآن فمادام موجوداً فالعترة موجودة، إي إلى آخر الدنيا، فالعترة موجودة إلى آخر الدنيا، لذا قال في حديث الإثني عشر: «حتّى تقوم السّاعة».
وإن كنتم في شك ممّا قلته في معنى حديث الثقلين، فلاحظوا نصوص عبارات القوم في شرح حديث الثقلين من هذه الناحية:
يقول المنّاوي في ]فيض القدير[ في شرح حديث الثقلين: تنبيه: قال الشريف ـ يعني السمهودي الحافظ الكبير ـ هذا الخبر يُفهم وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلّ زمان إلى قيام الساعة، حتّى يتوجّه الحث المذكور إلى التمسّك به، كما أنّ الكتاب كذلك، فلذلك كانوا أماناً لأهل الأرض، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض(1).
ومثلها عبارة ابن حجر المكي في ]الصواعق[: وفي حديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع مستأهل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك(2).
وقال الزرقاني المالكي في ]شرح المواهب اللّدنيّة[: قال القرطبي: وهذه الوصيّة وهذا التأكيد العظيم، يقتضي وجوب احترام آله وبرّهم وتوقيرهم ومحبّتهم، ووجوب الفرائض التي لا عذر لأحد في التخلّف عنها، هذا مع ما علم من خصوصيّتهم به صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وبأنّهم جزء منه، كما قال: «فاطمة بضعة منّي»، ومع ذلك فقابل بنو أُميّة عظيم هذه الحقوق بالمخالفة والعقوق، فسفكوا من أهل البيت دماءهم، وسبوا نساءهم، وأسروا صغارهم، وخرّبوا ديارهم، وجحدوا شرفهم وفضلهم، واستباحوا سبّهم ولعنهم، فخالفوا وصيّته وقابلوه بنقيض قصده، فواخجلتهم إذا وقفوا بين يديه، ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه، فالوصيّة بالبرّ بآل البيت على الإطلاق، وأمّا الاقتداء فإنّما يكون بالعلماء العاملين منهم، إذ هم الذين لا يفارقون القرآن. قال الشريف السمهودي: هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من عترته في كلّ زمان إلى قيام الساعة(3).
فيكون حديث «إنّي تارك فيكم الثقلين» دليلاً على إمامة أئمّتنا، وعددهم في حديث الأئمّة بعدي إثنا عشر، وفي ذلك الحديث أيضاً تصريح بأنّهم موجودون إلى قيام الساعة.
هذا بنحو الاختصار، وقد تركت بعض القضايا الاُخرى التي كنت قد سجّلتها هنا فيما يتعلّق بالنص على الأئمّة الإثني عشر.
فكان دليلنا على إمامة الأئمّة الإثني عشر من النصوص: حديث الأئمّة بعدي إثنا عشر، وحديث الثقلين.

(1) فيض القدير 3 / 15.
(2) الصواعق المحرقة: 232.
(3) شرح المواهب اللدنّيّة 7 / 7 ـ 8.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *