خالد بن الوليد بعد التظاهر بالإسلام

خالد بعد التظاهر بالاسلام
قال قدس سرّه: ولما تظاهر بالإسلام بعثه النبي صلّى اللّه عليه وآله إلى بني جذيمة ليأخذ منهم الصدقات فخانه وخالفه على أمره، وقتل المسلمين فقام النبي صلّى اللّه عليه وآله في أصحابه خطيباً بالإنكار عليه، رافعاً يديه إلى السماء حتى شوهد بياض إبطيه وهو يقول: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد! ثم أنفذ إليهم أمير المؤمنين عليه السلام لتلافي فارطته، وأمره أن يسترضي القوم ففعل.
الشرح:
قال ابن تيمية: «هذا النقل فيه من الجهل والتحريف ما لا يخفى على من يعلم السيرة، فإن النبي صلى اللّه عليه وسلّم أرسله إليهم بعد فتح مكة ليسلموا، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا فقالوا: صبأنا صبأنا، فلم يقبل ذلك منهم وقال: إن هذا ليس بإسلام، فقتلهم، فأنكر ذلك عليه من معه من أعيان الصحابة، كسالم مولى أبي حذيفة، وعبد اللّه بن عمر، وغيرهما.
ولمّا بلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، لأنه خاف أن يطالبه اللّه بما جرى عليهم من العدوان، وقد قال تعالى: (فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنّي بَريءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ).
ثم أرسل عليّاً وأرسل معه مالاً، فأعطاهم نصف الديات، وضمن لهم ما تلف حتى ميلغة الكلب، ودفع إليهم ما بقي احتياطاً، لئلاّ يكون بقي شيء لم يعلم به.
ومع هذا، فالنبي صلى اللّه عليه وسلّم لم يعزل خالداً عن الإمارة، بل ما زال يؤمّره ويقدّمه… .
ويقال: إنه كان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية، وكان ذلك مما حرّكه على قتلهم، وعلي كان رسولاً في ذلك.
وأمّا قوله: إنه أمره أن يسترضي القوم من فعله. فكلام جاهل، فإنما أرسله لإنصافهم وضمان ما تلف لهم لا لمجرد الاسترضاء.
وكذلك قوله عن خالد: إنه خانه وخالف أمره وقتل المسلمين، كذب على خالد، فإن خالداً لم يتعمّد خيانة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ولا مخالفة أمره، ولا قتل من هو مسلم معصوم عنده، ولكنه أخطأ…»(1).

(1) منهاج السنّة 4 / 488.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *