نقد الحديث في أنّ النبيّ هو الذي سمّاه بذلك

وأمّا دعوى أن النبي صلّى اللّه عليه وآله سمّاه «سيف من سيوف اللّه سلّه على المشركين» كما ثبت في صحيح البخاري… وأنه هكذا سماه، فنقول:
صريح كلامه أن التسمية كذلك كانت في غزوة مؤتة، وهذا ما نصّ عليه غيره:
قال ابن الأثير بعد كلام له: «ولعلّ هذا القول كان بعد غزوة مؤتة، فإن النبي صلّى اللّه عليه وسلم إنما سمى خالداً سيفاً من سيوف اللّه فيها، فإنه خطب الناس وأعلمهم بقتل زيد وجعفر وابن رواحة وقال: ثم أخذ الراية سيف من سيوف اللّه خالد بن الوليد ففتح اللّه عليه»(1).
لكن من القوم من تصرّف في هذا الحديث أيضاً، فنسب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أنه سماه «سيف اللّه» على سبيل الحصر!
قال ابن حجر بعد أن عنونه بـ«سيف اللّه» كما تقدّم: «أسلم بعد الحديبية وشهد مؤتة، ويومئذ سماه رسول اللّه: سيف اللّه»(2).
وهذا شاهد آخر من شواهد صدق العلامة وكذب ابن تيمية، فإنهم لعنادهم مع أمير المؤمنين عليه السلام سمّوا خالداً باللّقب المذكور، وحتى تصرّفوا في الحديث الذي رووه عن النبي صلّى اللّه عليه وآله!!
لكن الحديث كذب وإن كان في صحيح البخاري:

سقوط الحديث سنداً
فلأنه عن: أحمد بن عبد الملك بن واقد، عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، عن أنس… .
وهذا السند متكلّم فيه أولاً وآخراً.
فأمّا أحمد بن واقد، فعن مغلطاي: ذكره الكلاباذي والباجي، قالا: وهو متروك، وقال ابن نمير: أهل بلده يسيئون الثناء عليه فتركت حديثه(3). ولهذا ذكره ابن حجر فيمن تكلّم فيه من رجال البخاري وجعل يدافع عنه(4).
وأمّا حميد بن هلال، فقد أورده العقيلي في ضعفائه، وابن عدي في كامله، وابن الجوزي في ضعفائه، والذهبي في ميزانه(5) وقال علي بن المديني، عن يحيى بن سعيد القطان: كان ابن سيرين لا يرضى حميد بن هلال(6).
سقوطه معنىً
فلأنه إن كان بلفظ «سيف اللّه» الظاهر في الحصر فباطل كما هو واضح، وإن كان بلفظ «سيف من سيوف اللّه» فباطل، إذ لا يليق بالنبي صلّى اللّه عليه وآله أن ينعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس، فلا يصفهم بوصف ثم يخص خالداً بالكلام المذكور.
وعلى الجملة، فإن ظاهر سياق الحديث يقتضي الحصر كذلك، وهو باطل، كما اعترف ابن تيمية.
هذا كلّه، مضافاً إلى وصف عمر بن الخطاب خالداً بـ«عدو اللّه» كما جاء في تاريخ الطبري وغيره في قضية قتله مالكاً وتزوّجه بزوجته، فإن كان رسول اللّه قد سمى خالداً بما يدّعون، فقد ردّ عمر على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله.

(1) أسد الغابة في معرفة الصحابة 2 / 94.
(2) تهذيب التهذيب 3 / 107.
(3) تهذيب الكمال 7 / 403. الهامش.
(4) مقدمة فتح الباري: 384.
(5) تهذيب الكمال 1 / 393. الهامش.
(6) تهذيب الكمال 1 / 393.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *