في أنه سمّ الحسن السبط عليه السلام/ إنكار ابن تيميّة ذلك و الردّ عليه

في أنه سمّ الحسن
قال قدس سره: وسمَّ الحسن
الشرح:
وأنكر ابن تيمية سمّ معاوية الحسن السبط الزكي عليه السلام فقال:
«هذا مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببيّنة شرعيّة أو إقرار معتبر ولا نقل يجزم به. وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم… والحسن رضي اللّه عنه قد نقل أنه مات مسموماً… لكن يقال: إن امرأته سمّته، ولا ريب أنه مات بالمدينة ومعاوية بالشام، فغاية ما يظن الظان أن معاوية أرسل إليها وأمرها بذلك، وقد يقال: بل سمّته امرأته لغرض آخر.. وقد قيل: إن أباها الأشعث بن قيس أمرها بذلك… وإذا قيل: إن معاوية أمر أباها كان هذا ظناً محضاً، والنبي صلى اللّه عليه وسلم قال: إياكم والظن فإن الظن من أكذب الحديث.. ثم إن الأشعث.. قد مات قبل الحسن بنحو عشرين سنين، فكيف يكون هو الذي أمر ابنته أن تسمّ الحسن. واللّه سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة الحال وهو يحكم بين عباده…»(1).
أقول:
إن هذا أحد المواضع التي يعرف فيها هذا الرجل على حقيقته، فإن كلّ هذا التشكيك واللفّ والدوران ليس إلا لتبرئة معاوية بن أبي سفيان، أو لتبرير ما فعله مع سيد شباب أهل الجنان، وإلاّ فقد قال ابن روزبهان هنا: «من يرضى بمتابعة معاوية؟ ومن يجعله إماماً حتى يشنع عليه ابن المطهر؟ وقد ذكرنا أنه من الملوك وليس علينا أن نذبّ عنه»(2).
أقول:
إن الثابت عند أهل البيت ـ كما تفيد الأخبار الواردة عنهم ـ أن معاوية سمّ الحسن عليه السلام بواسطة زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس.. وهذا ما يجده المتتبع لكتب الجمهور، وإن حاولوا أن لا يفصحوا عنه ويتكتموا عليه، والذي جاء(3) فيها نقاط:
1 ـ إنه سقي السمّ غير مرّة.
2 ـ كان معاوية قد تلطّف لبعض خدمه أن يسقيه سمّاً.
3 ـ إن جعدة بنت الأشعث سقت الحسن السمّ في المرّة الأخيرة، فاشتكى منه شكاة، فكان يوضع تحته طست وترفع أخرى، نحواً من أربعين يوماً، تفتت فيها كبده ولفظها عليه السلام.
4 ـ فقال الحسين: يا أبا محمد، أخبرني من سقاك؟ قال: ولم يا أخي؟
قال: أقتله واللّه قبل أن أدفنك، وإن لا أقدر عليه أو يكون بأرض تكلّفت الشخوص إليه. فقال: يا أخي، إنما هذه الدنيا ليال فانية، دعه حتى ألتقي أنا وهو عند اللّه. وأبى أن يسميه.
5 ـ وكانت جعدة قد سمّت الحسن بتدسيس معاوية إليها، وقد وعدت من قبل معاوية ويزيد أنها إن سمّت الحسن فسيزوّجها يزيد، فلمّا مات الحسن أرسل إليها مائة ألف درهم وأخبرها إنا نحب حياة يزيد، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه.

(1) منهاج السنّة 4 / 469.
(2) انظر: دلائل الصدق 3 / 388.
(3) الطبقات الكبرى لابن سعد ـ ترجمة الحسن بن علي: 84، المستدرك على الصحيحين 3 / 176، مروج الذهب 2 / 50، مقاتل الطالبيين: 57، ترجمة الحسن بن علي من تاريخ دمشق: 211، تهذيب الكمال 6 / 251 ـ 253، سير أعلام النبلاء 3 / 245، الإستيعاب 1 / 383، أسد الغابة 2 / 9 تهذيب التهذيب 2 / 260.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *