إنكار ابن تيميّة و الردّ عليه

الشرح:
قال ابن تيمية: «وأمّا الحديث الذي رواه ـ وهو قوله لها: تقاتلين عليّاً وأنت ظالمة ـ فهذا لا يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا له إسناد معروف، وهو بالموضوعات المكذوبات أشبه منه بالأحاديث الصحيحة، بل هو كذب قطعاً، فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت بقصد الاصلاح بين المسلمين..»(1).
أقول:
لو سلّمنا أن لا حديث بهذا اللّفظ يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة، فلا ريب في أنه صلّى اللّه عليه وآله نهاها عن ذلك كما في حديث نباح كلاب الحوأب.
وأيضاً: لا ريب في أنها خرجت مع الزبير الذي قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مثل هذا الكلام، وهو حديث معروف موجود في الكتب المعتمدة وله أسانيد معتبرة، بل لقد جعل من شواهد علمه صلّى اللّه عليه وآله بالمغيّبات، وأرسله غير واحد من الحفاظ في باب إخباره عن المغيّبات إرسال المسلّمات… .
ونحن نذكر هنا كلام الحافظ عياض بشرحه وبه الكفاية، فإنه قال في الفصل الذي عقده لتلك الأمور: «وأخبر في حديث رواه البيهقي من طرق، وهو ممّا أخبر به من المغيّبات بمحاربة الزبير لعلي وهو ظالم له، وكان صلّى اللّه عليه وسلّم رآهما يوماً ـ وكلّ منهما يضحك ـ فقال لعلي: أتحبّه؟ فقال: كيف لا أحبّه وهو ابن عمّتي صفيّة وعلى ديني؟
فقال للزبير: أتحبّه؟ فقال: كيف لا أحبّه وهو ابن خالتي وعلى ديني؟
فقال: أمّا أنك ستقاتله وأنت له ظالم.
فلمّا كان يوم الجمل قاتله، فبرز له علي ـ رضي اللّه تعالى عنه ـ وقال: ناشدتك اللّه، أسمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قوله: إنك ستقاتلني وأنت لي ظالم؟
قال: نعم ولكن أنسيته. وانصرف عنه.
فلمّا كان بوادي السّباع خرج عليه ابن جرموز وهو نائم فقتله، وأتى برأسه كما فصّله المؤرخون.
وممّا أخبر به من المغيّبات نباح كلاب الحوأب على بعض أزواجه. يعني: عائشة.. وأخبر في هذا الحديث أنه يقتل حولها ممن كان معها قتلى كثيرة، قيل: كانوا نحو ثلاثين ألفاً، وتنجو أي تسلم هي بعد ما كادت أي قاربت عدم النجاة، فنبحت كلاب الحوأب على عائشة عند خروجها إلى البصرة.
وهذا الحديث صحيح كما مر، روي من طرق عديدة..»(2).

(1) منهاج السنّة 4 / 316.
(2) نسيم الرياض ـ شرح شفاء القاضي عياض 3 / 165. وحديث نباح كلاب الحوأب موجود في مسند أحمد 6 / 97، والمستدرك 3 / 119 وغيرهما، ونص ابن حجر في فتح الباري 6 / 165، والهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 234 على صحته. وهذا القدر يكفي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *