4 ـ المهدي من هذه الأمة. و سقوط حديث: لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم بالنظر في سنده

4 ـ المهدي من هذه الأمة
وتفيد الأحاديث المتواترة: أن المهدي من هذه الأمّة، وعليه اعتقاد المسلمين قاطبة، من السّلف والخلف.
وأما حديث: «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» في سنن ابن ماجة، فقد نصّ أئمة الحديث والرجال على ضعفه، قال ابن ماجة: «حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا محمد بن إدريس الشافعي، حدّثني محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: لا يزداد الأمر إلا شدّة ولا الدنيا إلا إدبار ولا الناس إلا شحّاً، ولا تقوم السّاعة إلا على شرار الناس، ولا مهديّ إلا عيسى بن مريم»(1).
قلت: هذا الحديث تكذبه أخبار المهدي عند أهل البيت عليهم السّلام وأحاديثه الواردة بالتواتر من طرق غيرهم، ولذا فقد ضعّفه الأئمة كالحاكم والبيهقي وغيرهما(2)، وقد تكلّم علماء القوم في رجاله، قالوا في سنده (محمد بن خالد الجندي) وهو المنفرد بروايته، ولذا أوردوه بترجمته: فقال المزّي: «محمد بن خالد الجندي الصنعاني المؤذن، روى عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس حديث: لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم… روى له ابن ماجة حديث المهدي… قال أبو بكر بن زياد: وهذا حديث غريب… وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: هذا حديث تفرّد به محمد بن خالد الجندي. قال أبو عبد اللّه الحافظ: ومحمد بن خالد رجل مجهول، واختلفوا في إسناده…»(3).
وقال الذهبي: «محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح. روى عنه الشافعي. قال الأزدي: منكر الحديث، وقال أبو عبد اللّه الحاكم: مجهول. قلت: حديثه: لا مهدي إلا عيسى بن مريم. وهو خبر منكر، أخرجه ابن ماجة…»(4).
وقال ابن حجر: «محمد بن خالد الجندي، بفتح الجيم والنون، المؤذن. مجهول. من السابعة ـ ق»(5).
قلت: و (أبان بن صالح) وإن وثّقة الأئمة ـ كما قالوا ـ لكن عن الحافظين ابن عبد البر وابن حزم أنهما ضعّفاه(6).
وقال الذهبي: «لكن قيل: إنه لم يسمع من الحسن، ذكره ابن الصلاح في أماليه»(7).
و(الحسن) هو: الحسن البصري المعروف المشهور، وعداده في بعض الكتب في مبغضي علي عليه السلام، ولذا ورد الذم فيه عن أهل البيت، بل قيل بتواتر ذلك عنهم(8).
وأمّا أهل السنّة، فإنهم وإن رووا عنه في الصحاح الستة وعدّوه من الزهّاد الثمانية، فقد نصّوا على أنه كان كثير الإرسال والتدليس(9).
قلت: و (يونس بن عبد الأعلى) وإن وثقوه إلا أنه متهم بالكذب في هذا الخبر، فقد قال الحافظ المزي: «وروى الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق بإسناده عن أحمد بن محمد بن رشدين قال: حدثني أبو الحسن علي بن عبيد اللّه الواسطي قال: رأيت محمد بن إدريس الشافعي في المنام فسمعته يقول: كذب علي يونس في حديث الجندي حديث الحسن عن أنس عن النبي صلّى اللّه عليه وآله في المهدي. قال الشافعي: ما هذا من حديثي ولا حدثت به، كذب علي يونس»(10).
هذا كلّه بالإضافة إلى أن الذهبي قال: وللحديث علّة أخرى… فذكرها(11).

(1) سنن ابن ماجة 2 / 1340 ـ 1341.
(2) التاج الجامع للأصول 5 / 341.
(3) تهذيب الكمال 25 / 146 ـ 149.
(4) ميزان الاعتدال 3 / 535.
(5) تقريب التهذيب 2 / 71.
(6) تهذيب التهذيب 1 / 82.
(7) ميزان الاعتدال 3 / 535.
(8) تنقيح المقال 1 / 269.
(9) تقريب التهذيب 1 / 165.
(10) تهذيب الكمال 25 / 150.
(11) ميزان الاعتدال 3 / 535 ـ 556.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *