قال ابن تيميّة: كونه أزهد الناس و أعلمهم، دعوى مجرّدة بلا دليل و الردّ عليه بالتفصيل

قال: «وأمّا قوله: إنه كان أزهد الناس وأعلمهم، فدعوى مجرّدة بلا دليل»(1).
أقول: نعم، لا دليل على ذلك عند هذا الرجل وأمثاله!! لكن هناك في كلمات المحدّثين والمؤرخين من غير شيعة أهل البيت عليهم السّلام ما يدلّ على ما تذهب إليه الشيعة وتعتقد في أئمتها، وإليك بعض تلك الكلمات:
قال الحافظ السمهودي(2): «علي الرضا بن موسى الكاظم، كان أوحد أهل زمانه، جليل القدر، أسلم على يده أبو محفوظ معروف الكرخي… .
وقال له المأمون: بأيّ وجه صار جدّك علي بن أبي طالب قسيم الجنة والنار؟
فقال: ألم ترو عن أبيك عن آبائه عن عبد اللّه بن عباس قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول: حبّ علي إيمان وبغضه كفر؟
قال: بلى.
قال الرضا: فقسم الجنة والنار إذاً كان على حبّه وبغضه.
فقال المأمون: لا أبقاني اللّه بعدك يا أبا الحسن. أشهد أنك وارث علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله»(3).
وقال كمال الدين محمد بن طلحة(4): «أبو الحسن علي بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق.
قد تقدّم القول في أمير المؤمنين علي، وفي زين العابدين علي. وجاء هذا علي الرضا ثالثهما، ومن أمعن نظره وفكره، وجده في الحقيقة وارثهما، فيحكم بكونه ثالث العليين، نمى إيمانه، وعلا شانه، وارتفع مكانه، واتسع إمكانه، وكثر أعوانه، وظهر برهانه، حتى أحلَّه الخليفة المأمون محلّ مهجته، وأشركه في مملكته، وفوّض إليه أمر خلافته، وعقد له على رؤوس الأشهاد عقد نكاح ابنته.
وكانت مناقبه عليّة، وصفاته الشريفة سنيّة، ومكارمه حاتميّة، وشنشنته أخزمية، وأخلاقه عربيّة، ونفسه الشريفة هاشميّة، وأرومته الكريمة نبوية، فمهما عدّ من مزاياه كان أعظم منه، ومهما فصّل من مناقبه كان أعلى مرتبة عنه»(5).
وقال الشبلنجي(6): «قال إبراهيم بن العباس: ما رأيت الرضا سئل عن شيء إلاّ علمه، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقت عصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال من كلّ شيء فيجيبه الجواب الشافي، وكان قليل النوم كثير الصوم، لا يفوته صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر ويقول: ذلك صيام الدهر. وكان كثير المعروف والصّدقة، وأكثر ما يكون ذلك منه في اللّيالي المظلمة. وكان جلوسه في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح»(7).
وقال الجويني(8): «الإمام الثامن: مظهر خفيّات الأسرار، ومبرز خبّيات الأمور الكوامن، منبع المكارم والميامن، ومنبع الأعالي الحضارم والأيامن، منيع الجناب، رفيع القباب، وسيع الرحاب، هموم السحاب، غزير الألطاف، عزيز الأكناف، أمير الأشراف، قرة عين آل ياسين وآل عبد مناف، السيد الطاهر المعصوم، والعارف بحقائق العلوم، والواقف على غوامض السر المكتوم، والمخبر بما هو آت وعمّا غبر ومضى، المرضي عند اللّه سبحانه برضاه عنه في جميع الأحوال، ولذا لقب بالرضا، علي بن موسى…»(9).
وقال ابن حجر المكي(10): «وكان أولاد موسى بن جعفر حين وفاته سبعة وثلاثين ذكراً وأنثى، منهم علي الرضا، وهو أنبههم ذكراً، وأجلّهم قدراً، ومن ثم أحلّه المأمون محلّ مهجته، وأنكحه ابنته، وأشركه في مملكته، وفوّض إليه أمر خلافته…»(11).
فهذه طائفة مما قيل في مدحه… علماً وزهداً وجلالة… وسيأتي غيرها أيضاً.

(1) منهاج السنّة 4 / 60.
(2) هو: علي بن عبد اللّه، المتوفى سنة: 911.
(3) جواهر العقدين ق 2 ج 2 ص 427.
(4) هو المحدث الفقيه الشافعي: المتوفى سنة: 652.
(5) مطالب السئول: 454.
(6) هو: الشيخ مؤمن بن حسن المتوفى بعد سنة: 1308.
(7) نور الأبصار: 312.
(8) هو: الشيخ إبراهيم بن محمد، من مشايخ الذهبي. توفي سنة: 730.
(9) فرائد السمطين 2 / 187.
(10) المتوفى سنة: 972.
(11) الصواعق المحرقة: 122.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *