إمامة أبي بكر كانت ببيعة عمر

إمامة أبي بكر كانت ببيعة عمر
قال قدس سره: وأن الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أبو بكر بن أبي قحافة… .
الشرح:
وهو: عبد اللّه ـ وقيل عتيق ـ بن أبي قحافة عثمان بن عامر التيمي، ولد ـ كما في تاريخ الخلفاء(1) ـ بعد مولد النبي صلّى اللّه عليه وآله بسنتين وستّة أشهر، وأسلم بعد أكثر من خمسين شخصاً فيما رواه الطبري في تاريخه بسند صحيح(2)، وبويع بالخلافة في سقيفة بني ساعدة، وتوفي سنة ثلاث عشرة من الهجرة.
قال قدس سره: لمبايعة عمر بن الخطاب له برضا أربعة… .
الشرح:
اعترض عليه ابن تيمية بأنه «ليس هذا قول أئمة أهل السنّة، وإن كان بعض أهل الكلام يقولون: إن الإمامة تنعقد ببيعة أربعة، كما قال بعضهم: تنعقد ببيعة اثنين، وقال بعضهم: تنعقد ببيعة واحد، فليست هذه أقوال أئمة السنّة. بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماماً حتى يوافقه أهل الشوكة الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة، فإن المقصود من الإمامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان، فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماماً، ولهذا قال أئمة السنة: من صار له قدرة وسلطان يفعل بهما مقصود الولاية هو من أولي الأمر الذين أمر اللّه بطاعتهم… ولو كان جماعة في سفر، فالسنّة أن يؤمّروا أحدهم كما قال النبي… فإذا أمّره أهل القدرة منهم صار أميراً.
فكون الرجل أميراً وقاضياً ووالياً وغير ذلك من الأمور التي مبناها على القدرة والسلطان، متى حصل ما يحصل به في القدرة والسلطان حصلت، وإلاّ فلا… .
ولهذا قال أحمد في رسالة عبدوس بن مالك العطّار: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ـ إلى أن قال ـ ومن ولي الخلافة فأجمع عليه الناس ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمّي أمير المؤمنين، فدفع الصّدقات إليه جائز، براً كان أو فاجراً. وقال ـ في رواية إسحاق بن منصور ـ وقد سئل عن حديث النبي صلّى اللّه عليه وآله: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ما معناه؟ فقال: تدري ما الإمام؟ الإمام الذي يجمع عليه المسلمون، كلّهم يقول: هذا إمام، فهذا معناه»(3).
أقول: الواقع ـ يوم السقيفة ـ ما ذكره العلاّمة، فقد روى المحدّثون والمؤرّخون عامّة عن عمر أنه قال ـ وهو يحكي توجّهه مع أبي بكر نحو السقيفة حيث اجتمع الأنصار واتّفقوا على رئيسهم سعد ـ : «كنت أزوّر في نفسي كلاماً في الطريق، فلمّا وصلنا إلى السقيفة أردت أن أتكلّم فقال أبو بكر: مه يا عمر. فحمد اللّه وأثنى عليه، وذكر ما كنت أزوّره في نفسي كأنه يخبر عن غيب، فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي إليه فبايعته…».
(1) تاريخ الخلفاء: 30.
(2) تاريخ الطبري 2 / 316.
(3) منهاج السنة 1 / 526 ـ 529.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *