ثبوتها بالكتاب و السُنّة و الإجماع

ثبوتها بالكتاب و السُنّة و الإجماع:
وقد دلّ على مشروعيّة هذا النكاح وثبوته في الإسلام:
1 ـ الكتاب، في قوله عزّ وجلّ: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ . . .)(1). وقد روي عن جماعة من كبار الصحابة والتابعين ـ المرجوع إليهم في قراءة القرآن وأحكامه ـ التصريح بنزول هذه الآية المباركة في المتعة، حتّى أنّهم كانوا يقرأونها: «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل . . .»، وكانوا قد كتبوها كذلك في مصاحفهم، فهي ـ حينئذ ـ نصّ في المتعة، ومن هؤلاء:
عبداللّه بن عبّاس، وأُبي بن كعب، وعبداللّه بن مسعود، وجابر بن عبداللّه وأبو سعيد الخدري، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والسدّي، وقتادة(2).
بل ذكروا عن ابن عبّاس قوله: «واللّه لأنزلها اللّه كذلك ـ ثلاث مرّات».
وعنه وعن أُبي التصريح بكونها غير منسوخة.
بل نصّ القرطبي على أنّ دلالتها على نكاح المتعة هو قول الجمهور، وهذه عبارته: «وقال الجمهور: المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الاسلام»(3).
2 ـ السنّة: وفي السُنّة أحاديث كثيرة دالّة على ذلك، نكتفي منها بواحد ممّا أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم عن عبداللّه بن مسعود قال:
«كنّا نغزو مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ليس لنا نساء. فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى اجل، ثمّ قرأ عبداللّه: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ)(4).
ولا يخفى ما يقصده ابن مسعود من قراءة الآية المذكورة بعد نقل الحديث، فإنّه كان ممّن أنكر على من حرّم المتعة.
3 ـ الإجماع: فإنّه لا خلاف بين المسلمين في أنّ «المتعة» نكاح. نصّ على ذلك القرطبي، وذكر طائفةً من أحكامها، حيث قال:
«لم يختلف العلماء من السلف والخلف أنّ المتعة نكاح إلى أجل، لا ميراث فيه، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق» ثمّ نقل عن ابن عطيّة كيفيّة هذا النكاح وأحكامه(5).
وكذا الطبري، فنقل عن السدّي: «فهذه المتعة، الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمّى . . .»(6).
وعن ابن عبدالبرّ في «التمهيد»: «أجمعوا أنّ المتعة نكاح، لا إشهاد فيه ولا وليّ، وأنّه نكاح إلى أجل، تقع فيه الفرقة بلا طلاق ولا ميراث بينهما»(7).

(1) سورة النساء: 24.
(2) راجع التفاسير: الطبري والقرطبي وابن كثير والكشّاف والدرّ المنثور. كلّها بتفسير الآية. وراجع أيضاً: أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 2 / 208، سنن البيهقي 7 / 335، المنهاج للنووي 9 / 153، المغني لابن قدامة 7 / 571.
(3) تفسير القرطبي 5 / 130.
(4) صحيح البخاري 5 / 1953 كتاب النكاح باب ما يكره من التبتل والخصاء الرقم 4787 و 4 / 1687 كتاب التفسير (تفسير سورة المائدة) الرقم 4339، صحيح مسلم 3 / 193 كتاب النكاح، باب نكاح المتعة الرقم 1404، مسند أحمد 1 / 692 مسند عبداللّه بن مسعود الرقم 3976.
(5) تفسير القرطبي 5 / 132.
(6) تفسير الطبري 5 / 18.
(7) التمهيد 11 / 102.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *