المناشدة في الشورى

المناشدة في الشورى(1)
وَمن كلام له عليه السلام في الشورى: «لن يسرع أحدٌ قبلي إلى دعوة حقّ، وصلة رحم، وعائدة كرم، فاسمعوا قولي، وعوا منطقي، عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتضى فيه السيّوف، وتخان فيه العهود، حتى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضلالة وشيعة لأهل الجهالة»(2).
روى الخوارزمي باسناده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: «كنت مع عليّ في البيت يوم الشورى وسمعته يقول لهم: لأحتجّن عليكم بما لا يستطيع عربّيكم ولا عجميّكم تغيير ذلك، ثمّ قال: أنشدكم الله أيّها النفر جميعاً، أفيكم أحد وحّد الله قبلي؟ قالوا: لا، قال: فأنشدكم الله هل منكم أحدٌ له أخ مثل جعفر الطيّار في الجنة مع الملائكة؟ قالوا: اللّهم لا، قال: أنشدكم الله هل فيكم أحدٌ له عمّ كعمّي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: أنشدكم بالله، هل فيكم أحدٌ له زوجةٌ مثل زوجتي فاطمة بنت محمّد سيدة نساء أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحدٌ له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحدٌ ناجى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عشر مرات قدم بين يدي نجواه صدقة قبلي؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من كنت مولاه فعليٌ مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره ليبلغ الشاهد الغائب غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فانشدكم الله هل فيكم احدٌ قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: اللّهم أئتني بأحبّ خلقك اليك واليّ وأشدّهم لك حبّاً ولي حبّاً يأكل معي من هذا الطير فأتاه وأكل معه غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لأعطيّن الراية غداً رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله على يده إذ رجع غيري منهزماً؟ قالوا: اللّهم لا،
قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحدٌ قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لوفد بني وليعة لتنتهيّن أو لأبعثن اليكم رجلا نفسه كنفسي وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي يقتلكم بالسيف، غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم الله، هل فيكم أحد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: كذب من زعم انّه يحبّني ويبغض هذا غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحدٌ سلّم عليه في ساعة واحدة ثلاث آلاف ملك من الملائكة منهم جبرئيل وميكائيل واسرافيل حيث جئت بالماء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من القليب غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحدٌ قال له جبرئيل: هذه هي المواساة، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: انّه منّي وأنا منه، وقال جبرئيل: وأنا منكما غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم الله، هل فيكم أحدٌ نودي من السماء: لا سيف الاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحدٌ يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: انّي قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن غيري قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحدٌ ردّت عليه الشمس حتى صلّى العصر في وقتها غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحدٌ أمره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يأخذ براءة من أبي بكر فقال أبو بكر: يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ فقال: انّه لا يؤدّي عني الاّ علي، غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحدٌ قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك الاّ كافر غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم بالله أتعلمون أنّه تعالى أمر بسدّ أبوابكم وفتح بابي، فقلتم في ذلك فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما سددت أبوابكم ولا فتحت بابه بل الله سدّ أبوابكم وفتح بابه، غيري؟ قالوا: اللّهم نعم، قال: فأنشدكم بالله، أتعلمون أنه ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك فقلتم: ناجاه دوننا، فقال: ما أنا انتجيته بل الله انتجاه؟ قالوا: اللّهم نعم.
قال: فأنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: الحق مع علي وعلي مع الحق يدور الحق مع علي كيف ما دار؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله، أتعلمون انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: اني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلّوا ما إن تمسكتم بهما ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض؟ قالوا: اللّهم نعم، قال؛ فأنشدكم الله، هل فيكم أحدٌ وقى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من المشركين بنفسه واضطجع في مضجعه غيري؟ قالوا: اللّهم لا، قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود العامري حيث دعاكم إلى البراز غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم الله، هل فيكم أحدٌ أنزل الله فيه آية التطهير حيث قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ) غيري؟ قالوا: اللّهم لا،
قال: فأنشدكم الله، هل فيكم أحدٌ قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنت سيد العرب، غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: فأنشدكم الله، هل فيكم أحدٌ قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما سألت الله شيئاً الاّ سألت لك، غيري؟ قالوا: اللهم لا»(3).

(1) أورد حديث الشورى جمع من الحفاظ، منهم ابن حبان في موارد الظمآن ص544 وابن حجر في لسان الميزان ج2 ص156، وابن حجر في الصواعق الحرقة ص75 و93، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج2 ص61 طبعة مصر، وابن عساكر 3 ص87، 91، والكنجي ص386، والمتقي في كنز العمال ـ حيدر آباد ـ ج5 ص429 والخوارزمي الفصل 19 ص222 والمشهور رواية أبي الطفيل ومنهم من رواه عن أبي ذر، ويوجد بينهم اختلاف في لفظ المناشدة، وهي في رواية المتقي وابن عساكر والخوارزمي طويلة ونحن نكتفي برواية الأخير.
(2) الخطبة رقم 139 من نهج البلاغة، طبعة الدكتور صبحي الصالح ص196.
(3) المناقب الفصل التاسع عشر ص222.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *