دلالة الحديث

دلالة الحديث
أقول: حديث المنزلة متواتر عند الفريقين، وهو دليل على خلافة علي بن أبي طالب عليه السّلام، فقد روى العلامة الحلي عن مسند أحمد بن حنبل من عدة طرق وعن صحيحي مسلم والبخاري من عدة طرق «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لما خرج إلى تبوك استخلف علياً عليه السّلام على المدينة وعلى أهله فقال علي عليه السّلام ما كنت أوثر أن تخرج في وجه الا وأنا معك فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، الا انّه لا نبي بعدي».
وقال: قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انّه لا نبي بعدي» أثبت له عليه السّلام جميع منازل هارون من موسى عليه السّلام للاستثناء، ومن جملة منازل هارون انه كان خليفة لموسى، ولو عاش بعده لكان خليفة ايضاً، والا لزم تطرق النقض إليه ولأنه خليفته مع وجوده وغيبة مدة يسيرة، فبعد موته وطول مدة الغيبة أولى بان يكون خليفة».
قال أيضاً: «انه صلّى الله عليه وآله وسلّم استخلفه على المدينة مع قصر مدة الغيبة فيجب أن يكون خليفة له بعد موته، وليس غير علي عليه السّلام اجماعاً، ولأنه لم يعزله عن المدينة فيكون خليفة له بعد موته فيها إذا كان خليفة في المدينة كان خليفة في غيرها اجماعاً»(1).
وقال صاحب (الانصاف في الانتصاف): «فأثبت صلّى الله عليه وآله وسلّم جميع منازل هارون من موسى الا ما استثناه هو صلّى الله عليه وآله وسلّم بلفظه وهو النبوة وما أخرجه العرف من الأخوة نسباً، وهذا يقتضي أن ليس لأحد منزلة عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كمنزلة علي، ولا يساويه أحد في الفضل كما أن ليس لأحد منزلة عند موسى كمنزلة هارون ولا يساويه أحد في الفضل وكل من قال بذلك قال بأن علياً عليه السّلام هو الخليفة والإمام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهذا عند الشيعة يسمى نص المنزلة»(2).
وقال ابن تيمية: «ان هذه الأحاديث ثبتت في الصحيحين بلا ريب وغيرهما، وكان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال ذلك في غزوة تبوك»(3).
إذن، لا كلام في ثبوت الحديث وقطعيّة صدوره عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولا يصغى إلى المشكك في ذلك حتّى المعاند مثل ابن تيمية…. فحاول بعضهم أن يتكلَّم في دلالة على الإمامة والولاية العامّة بعد رسول الله.
لكن حديث المنزلة من أقوى أدلّة امامة أمير المؤمنين، لأن النبي قد نزّل عليّاً من نفسه بمنزلة هارون من موسى، ونحن نعلم أن اولى منازل هارون هي الخلافة والوزارة لموسى وكونه شريكاً له في الرسالة والهداية، وهل ثبت هذا المقام العظيم لغير أمير المؤمنين من أصحاب رسول الله؟ كما أنّ هذا الحديث يدل على عصمة أمير المؤمنين وعلى اخوّته لرسول الله وأولويته به من غيره، كما يدل على خصائص له غير ذلك، كقضية البيتوتة في المسجد، إذ جعل علي وأولاده بمنزلة هارون وذريّته، وهذا ما لم يكن لأحد من الصحابة، حتى أن بعضهم قد اعترض على النبي في ذلك فأجاب بأنه أمرٌ من الله عزّوجلّ .
هذا، وأنت تجدُ بيان هذه الامور بالتفصيل استناداً إلى كتب أئمة الحديث والتفسير من أهل السنّة، وتجد دفع الشبهات حول هذه الدلالات في الأجزاء من كتاب (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار) وبالله التوفيق.

(1) منهاج الكرامة، المنهج الثالث، في الادلة المستندة إلى السنة المنقولة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الدليل الثالث والرابع ص103 مخطوط.
(2) الانصاف في الانتصاف ص51 مخطوط.
(3) منهاج السنة ج4 ص87 وص91.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *