كلام علي في الخوارج

كلام علي في الخوارج:
روى الشريف الرضي:
«ومن كلام له عليه السّلام كلّم به الخوارج حين اعتزلوا الحكومة وتنادوا: أن لا حكم الا لله. أصابكم حاصبٌ، ولا بقي منكم آثر، أبعد ايماني بالله وجهادي مع رسول الله صلّى الله عليه وآله، أشهد على نفسي بالكفر. (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ)(1) فأوبوا شر مآب، وارجعوا على أثر الأعقاب، أما انكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفاً قاطعاً وأثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة»(2).
وقال ابن أبي الحديد في شرح ذلك: «واعلم ان الخوارج على أميرالمؤمنين عليه السّلام كانوا اصحابه وانصاره في الجمل وصفين قبل التحكيم، وهذه المخاطبة لهم، وهذا الدعاء عليهم، وهذا الأخبار عن مستقبل حالهم وقد وقع ذلك، فان الله تعالى سلط على الخوارج بعده الذل الشامل، والسيف القاطع والأثرة من السلطان، وما زالت حالهم تضمحل، حتى أفناهم الله تعالى وأفنى جمهورهم ولقد كان لهم من سيف المهلب بن أبي صفرة وبنيه الحتف القاضي، والموت الزؤام»(3).
ومن كلام له عليه السّلام: «قاله للخوارج، وقد خرج إلى معسكرهم وهم مقيمون على انكار الحكومة فقال عليه السّلام: «اكلكم شهد معنا صفين؟ قالوا: منا من شهد ومنا من لم يشهد، قال: فامتازوا فرقتين فليكن من شهد صفين فرقة ومن لم يشهدها فرقة حتى اكلم كلا منكم بكلامه ونادى الناس، فقال: امسكوا عن الكلام، وانصتوا لقولي، وأقبلوا بافئدتكم الي، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها، ثم كلمهم عليه السّلام بكلام طويل، من جملته ان قال عليه السّلام: ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة، ومكراً وخديعة: اخواننا وأهل دعوتنا استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه فالرأي القبول منهم والتنفيس عنهم؟ فقلت لكم: هذا أمر ظاهره ايمان وباطنه عدوان، واوله رحمة وآخره ندامة، فاقيموا على شأنكم والزموا طريقكم، وعضّوا على الجهاد بنواجذكم، ولا تلتفتوا إلى ناعق نعق: إن اجيب أضلَّ، وان ترك ذلَّ وقد كانت هذه الفعلةُ، وقد رأيتكم اعطيتموها، والله لئن أبيتها ما وجبت علي فريضتها ولا حملني الله ذنبها، ووالله ان جئتها اني للمحق الذي يتبع وان الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته: فلقد كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وان القتل ليدور على الآباء والأبناء والاخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة الا ايماناً ومضياً على الحق، وتسليماً للأمر، وصبراً على مضض الجراح، ولكنا انما أصبحنا نقاتل اخواننا في الاسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج، والشبهة والتأويل فإذا طمعنا في خصلة يلم الله بها شعثنا، ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا، رغبنا فيها، وامسكنا عما سواها»(4).

(1) سورة الانعام: 56.
(2) نهج البلاغة صبحي الصالح ص92.
(3) شرح نهج البلاغة ج4 ص132.
(4) نهج البلاغة صبحىِّ الصّالح ص178.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *