وساطة القراء بين الفريقين

وساطة القراء بين الفريقين:
قال نصر: «وخرج قراء أهل العراق وقراء أهل الشام، فعسكروا ناحية صفين في ثلاثين الفاً، وعسكر علي على الماء وعسكر معاوية فوق ذلك، ومشت القراء فيما بين معاوية وعلي، فيهم عبيدة السلماني، وعلقمة بن قيس النخعي، وعبدالله بن عتبة، وعامر بن عبد القيس ـ وقد كان في بعض تلك السواحل ـ قال: فانصرفوا من عسكر علي فدخلوا على معاوية فقالوا: يا معاوية، ما الذي تطلب؟ قال: أطلب بدم عثمان قالوا: ممن تطلب بدم عثمان؟ قال: من علي عليه السّلام، قالوا: وعلي عليه السّلام قتله؟ قال: نعم، هو قتله وآوى قاتليه. فانصرفوا من عنده فدخلوا على علي فقالوا: ان معاوية يزعم انك قتلت عثمان. قال: اللهم لكذب فيما قال، لم أقتله. فرجعوا إلى معاوية فأخبروه فقال لهم معاوية: إن لم يكن قتله بيده فقد أمر ومالأ. فرجعوا إلى علي عليه السّلام فقالوا: ان معاوية يزعم انك إن لم تكن قتلت بيدك فقد أمرت ومالأت على قتل عثمان. فقال: اللهم كذب فيما قال. فرجعوا إلى معاوية، فقالوا: ان علياً عليه السّلام يزعم أنه لم يفعل. فقال معاوية: ان كان صادقاً فليمكنّا من قتلة عثمان، فانهم في عسكره وجنده وأصحابه وعضده فرجعوا إلى علي عليه السّلام. فقالوا: ان معاوية يقول لك: ان كنت صادقاً فادفع إلينا قتلة عثمان أو أمكنا منهم. قال لهم علي: تأول القوم عليه القرآن ووقعت الفرقة وقتلوه في سلطانه وليس على ضربهم قود. فخصم علي معاوية. فقال معاوية: إن كان الأمر كما يزعمون فما له ابتز الأمر دوننا على غير مشورة منا ولا ممن ها هنا معنا. فقال علي عليه السّلام: انما الناس تبع المهاجرين والانصار، وهم شهود المسلمين في البلاد على ولايتهم وأمر دينهم، فرضوا بي وبايعوني، ولست استحل ان ادع ضرب معاوية يحكم على الأمة ويركبهم ويشق عصاهم. فرجعوا إلى معاوية فأخبروه بذلك. فقال: ليس كما يقول فما بال من ها هنا من المهاجرين والانصار لم يدخلوا في هذا الأمر فيؤامروه. فانصرفوا إلى علي عليه السّلام فقالوا له ذلك وأخبروه. فقال علي عليه السّلام: ويحكم هذا للبدريّين دون الصحابة، ليس في الأرض بدري الاّ قد بايعني وهو معي أو قد اقام ورضي، فلا يغرنكم معاوية من انفسكم ودينكم فتراسلوا ثلاثة اشهر، ربيعاً الآخر وجماديين، فيفزعون الفزعة فيما بين ذلك، فيزحف بعضهم إلى بعض، وتحجز القراء بينهم ففزعوا في ثلاثة أشهر خمسة وثمانين فزعة كل فزعة يزحف بعضهم إلى بعض ويحجز القراء بينهم ولا يكون بينهم قتال»(1).

(1) وقعة صفين ص188.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *