أربعون حديثاً من السُنن المؤيّدة للنصوص

أربعون حديثاً من السُنن المؤيّدة للنصوص

قال السيّد رحمه اللّه:
حسبك من السُنن المؤيّدة للنصوص أربعون حديثاً:
1 ـ قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ وهو آخذ بضبع عليّ: هذا إمام البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله. ثمّ مدَّ بها صوته.
أخرجه الحاكم من حديث جابر في ص 129 من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك، ثمّ قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
2 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أوحي إليّ في عليّ ثلاث، أنّه: سيّد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين. أخرجه الحاكم في أوّل صفحة 138 من الجزء 3 من المستدرك(1)، ثمّ قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
3 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أوحي إليّ في عليّ أنّه: سيّد المسلمين، ووليّ المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين. أخرجه ابن النجّار(2)، وغيره من أصحاب السُنن.
4 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لعليّ: مرحباً بسيّد المسلمين، وإمام المتّقين. أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء(3).
5 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أوّل من يدخل هذا ا لباب إمام المتّقين، وسيّد المسلمين، ويعسوب الدين، وخاتم الوصيّين، وقائد الغرّ المحجّلين. فدخل عليّ، فقام إليه مستبشراً، فاعتنقه وجعل يمسح عرق جبينه وهو يقول له: أنت تؤدّي عنّي، وتسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي(4).
6 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: إنّ اللّه عهد إليَّ في عليّ أنّه: راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتّقين.. الحديث(5).
وأنت ترى هذه الأحاديث الستّة نصوصاً صريحة في إمامته، ولزوم طاعته عليه السلام.
7 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وقد أشار بيده إلى عليّ: إنّ هذا أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمّة، يفرق بين الحقّ والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين.. الحديث(6).
8 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا معشر الأنصار! ألا أدلّكم على ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً، هذا عليّ فأحبّوه بحبّي، وأكرموه بكرامتي، فإنّ جبرائيل أمرني بالذي قلت لكم عن اللّه عزّوجلّ(7).
9 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أنا مدينة العلم، وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب(8).
10 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أنا دار الحكمة، وعليّ بابها(9).
11 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: عليّ باب علمي، ومبيّن من بعدي لأُمّتي ما أُرسلت به، حُبّه إيمان، وبُغضه نفاق.. الحديث(10).
12 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أنت تبيّن لأُمّتي ما اختلفوا فيه من بعدي. أخرجه الحاكم في ص 122 من الجزء الثالث من المستدرك(11) من حديث أنس ثمّ قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. انتهى.
قلت: إنّ من تدبّر هذا الحديث وأمثاله علم أنّ عليّاً من رسول اللّه بمنزلة الرسول من اللّه تعالى، فإنّ اللّه سبحانه يقول لنبيّه: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلاّ لتبيّن لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمةً لقوم يؤمنون)(12) ورسول اللّه يقول لعلي: أنت تبيّن لأُمتي ما اختلفوا فيه من بعدي.
13 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ في ما أخرجه ابن السماك عن أبي بكر مرفوعاً ـ: عليّ منّي كمنزلتي من ربّي(13).
14 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ في ما أخرجه الدارقطني في الأفراد عن ابن عبّاس مرفوعاً ـ: عليّ بن أبي طالب باب حطّة، من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً(14).
15 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، يوم عرفات في حجّة الوداع: عليّ منّي وأنا من عليّ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ(15).
(إنّه لقول رسول كريم * ذي قوّة عند ذي العرش مكين * مطاع ثَمّ أمين * وما صاحبكم بمجنون)(16)، (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يوحى)(17).. فأين تذهبون؟! وماذا تقولون في هذه السُنن الصحيحة؟! والنصوص الصريحة؟!
وأنت إذا تأمّلت في هذا العهد ملياً، وأمعنت النظر في حكمة الأذان به في الحجّ الأكبر على رؤوس الأشهاد؛ ظهرت لك الحقيقة بأجلى صورة، وإذا نظرت إلى لفظه ما أقلّه، وإلى معناه ما أجلّه وما أدلّه؛ أكبرته غاية الإكبار، فإنّه جمع فأوعى، وعمّ ـ على اختصاره ـ فاستقصى، لم يبقَ لغير عليّ أهلية الأداء لأيّ شيء من الأشياء..
ولا غرو؛ فإنّه لا يؤدّي عن النبيّ إلاّ وصيّه، ولا يقوم مقامه إلاّ خليفته ووليّه، و(الحمد للّه الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتديَ لولا أن هدانا اللّه)(18).
16 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: مَن أطاعني فقد أطاع اللّه، ومَن عصاني فقد عصى اللّه، ومَن أطاع عليّاً فقد أطاعني، ومَن عصى عليّاً فقد عصاني. أخرجه الحاكم في ص 121 من الجزء الثالث من المستدرك، والذهبي في تلك الصفحة من تلخيصه، وصرّح كل منهما بصحّته على شرط الشيخين.
17 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ! من فارقني فقد فارق اللّه، ومن فارقك فقد فارقني. أخرجه الحاكم في ص 124 من الجزء الثالث من صحيحه، فقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
18 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، في حديث أُمّ سلمة: من سبّ عليّاً فقد سبّني. أخرجه الحاكم في أوّل ص 121 من الجزء الثالث من المستدرك، وصحّحه على شرط الشيخين، وأورده الذهبي في تلخيصه مصرّحاً بصحّته، ورواه أحمد من حديث أُمّ سلمة في ص 456 من الجزء السابع من مسنده، والنسائي في ص 145 من الخصائص العلوية، وغير واحد من حفظة الآثار..
ومثله قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، في حديث عمرو بن شاس(19): من آذى عليّاً فقد آذاني.
19 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: من أحبّ عليّاً فقد أحبّني، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني. أخرجه الحاكم وصحّحه على شرط الشيخين في ص 130 من الجزء الثالث من المستدرك، وأورده الذهبي في التلخيص معترفاً بصحّته على هذا الشرط..
ومثله قول عليّ(20): والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، إنّه لعهد النبيّ الأُمّي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، لا يحبّني إلاّ مؤمن، ولا يبغضني إلاّ منافق.
20 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ! أنت سيّد في الدنيا، وسيّد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب اللّه، وعدوّك عدوّي، وعدوّي عدوّ اللّه، والويل لمن أبغضك من بعدي. أخرجه الحاكم في أوّل ص 128 من الجزء الثالث من المستدرك، وصحّحه على شرط الشيخين(21).
21 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ! طوبى لمن أحبّك وصدّق فيك، وويل لمن أبغضك وكذّب فيك. أخرجه الحاكم في ص 135 من الجزء الثالث من المستدرك، ثمّ قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
22 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: من أراد أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويسكن جنّة الخلد التي وعدني ربّي، فليتولّ عليّ بن أبي طالب، فإنّه لن يخرجكم من هدىً، ولن يدخلكم في ضلالة(22).
23 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أُوصي من آمن بي وصدّقني بولاية عليّ بن أبي طالب، فمن تولاّه فقد تولاّني، ومن تولاّني فقد تولّى اللّه، ومن أحبّه فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ اللّه، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه عزّ وجلّ(23).
24 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: من سرّه أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي، فليتولّ عليّاً من بعدي، وليوال وليّه، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي، فإنّهم عترتي، خلقوا من طينتي ورُزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذّبين بفضلهم من أُمّتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم اللّه شفاعتي.
25 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: من أحبّ أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي، وهي جنّة الخلد، فليتولّ عليّاً وذرّيّته من بعده، فإنّهم لن يخرجوكم من باب هدىً، ولم يدخلوكم باب ضلالة(24).
26 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عمّار! إذ رأيت عليّاً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع عليّ، ودع الناس، فإنّه لن يدلّك على ردىً، ولن يخرجك من هدىً(25).
27 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، في حديث أبي بكر: كفّي وكفّ عليّ في العدل سواء(26).
28 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا فاطمة! أما ترضين أنّ اللّه عزّوجلّ اطّلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين: أحدهما أبوك، والآخر بعلك(27).
29 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أنا المنذر، وعليّ الهاد، وبك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي(28).
30 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا علي! لا يحلّ لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك(29)..
ومثله حديث الطبراني عن أُمّ سلمة والبزّار، عن سعد، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: لا يحلّ لأحد أن يجنب في هذا المسجد إلاّ أنا وعليّ(30).
31 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أنا وهذا ـ يعني عليّاً ـ حجّة على أُمّتي يوم القيامة. أخرجه الخطيب من حديث أنس(31).
وبماذا يكون أبو الحسن حجّة كالنبيّ لولا أنّه وليّ عهده، وصاحب الأمر من بعده؟!
32 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: مكتوب على باب الجنّة: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ أخو رسول اللّه(32).
33 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: مكتوب على ساق العرش: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، أيّدته بعليّ، ونصرته بعليّ(33).
34 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه، وإلى آدم في علمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في فطنته، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب. أخرجه البيهقي في صحيحه، والإمام أحمد بن حنبل في مسنده(34).
35 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ! إنّ فيك من عيسى مثلاً، أبغضته اليهود حتّى بهتوا أُمّه، وأحبّه النصارى حتّى أنزلوه بالمنزلة التي ليس بها.. الحديث(35).
36 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: السبّق ثلاثة: السابق إلى موسى يوشع ابن نون، والسابق إلى عيسى صاحب ياسين، والسابق إلى محمّد عليّ بن أبي طالب(36).
37 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: الصدّيقون ثلاثة: حبيب النجّار، مؤمن آل ياسين؛ قال: (يا قوم اتّبعوا المرسلين)(37)، وحزقيل، مؤمن آل فرعون؛ قال: (أتقتلون رجلاً أن يقولَ ربّيَ اللّهُ)(38)، وعليّ بن أبي طالب، وهو أفضلهم(39).
38 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لعليّ: إنّ الأُمّة ستغدر بك بعدي، وأنت تعيش على ملّتي، وتقتل على سُنّتي، مَن أحبّك أحبّني، ومَن أبغضك أبغضني، وإنّ هذه ستخضب من هذا. يعني لحيته من رأسه(40)..
وعن عليّ إنّه قال: إنّ ممّا عهد إليّ النبيّ أنّ الأُمّة ستغدر بي بعده(41).
وعن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لعليّ: أما إنّك ستلقى بعدي جهداً. قال: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك.
39 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر، قال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا. قال عمر: أنا هو؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل. يعني عليّاً.. قال أبو سعيد الخدري: فأتيناه فبشّرناه، فلم يرفع به رأسه كأنّه قد كان سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم(42)..
ونحوه حديث أبي أيّوب الأنصاري في خلافة عمر؛ إذ قال(43): أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عليّ بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين..
وحديث عمّار بن ياسر؛ إذ قال(44): قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا علي! ستقاتلك الفئة الباغية، وأنت على الحقّ، فمن لم ينصرك يومئذ فليس منّي..
وحديث أبي ذرّ؛ إذ قال(45): قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: والذي نفسي بيده، إنّ فيكم لرجلاً يقاتل الناس من بعدي على تأويل القرآن، كما قاتلت المشركين على تنزيله..
وحديث محمّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع، عن أبيه، عن جدّه أبي رافع، قال: قال رسول اللّه: يا أبا رافع! سيكون بعدي قوم يقاتلون عليّاً، حقّ على اللّه جهادهم، فمَن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمَن لم يستطع بلسانه فبقلبه.. الحديث(46)..
وحديث الأخضر الأنصاري(47)، قال: قال رسول اللّه: أنا أُقاتل على تنزيل القرآن، وعليّ يقاتل على تأويله(48).
40 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا علي! أخصمك بالنبوّة فلا نبوّة بعدي، وتخصم الناس بسبع: أنت أوّلهم إيماناً باللّه، وأوفاهم بعهد اللّه، وأقومهم بأمر اللّه، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند اللّه مزية(49)..
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ! لك سبع خصال لا يحاجّك فيها أحد: أنت أوّل المؤمنين باللّه، وأوفاهم بعهد اللّه، وأقومهم بأمر اللّه، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند اللّه مزية..
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ! لك سبع خصال لا يحاجّك فيهنّ أحد يوم القيامة: أنت أوّل المؤمنين باللّه، وأوفاهم بعهد اللّه، وأقومهم بأمر اللّه، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية، وأعلمهم بالقضية، وأعظمهم مزية..
إلى ما لا يسع المقام استقصاؤه من أمثال هذه السُنن المتضافرة المتناصرة باجتماعها كلّها على الدلالة على معنىً واحد هو: إنّ عليّاً ثاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في هذه الأُمّة، وإنّ له عليها من الزعامة بعد النبيّ ما كان له صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فهي من ناحية السُنن المتواترة في معناها وإنْ لم يتواتر لفظها، وناهيك بهذا حجةً بالغة. والسلام.

أقول:
قبل الورود في البحث عن الأحاديث المذكورة وما قيل فيها:
أوّلاً: هذه الأحاديث مرويّة في كتبنا وبطرق أصحابنا عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وإذا كانت مخرّجة في كتب المخالفين لهم، فهي ممّا اتّفق عليه الفريقان وأطبق عليه الطرفان، ولا ريب أنّ الوثوق بصدور المتّفق عليه أقوى، والاعتماد عليه أكثر.
وثانياً: إنّ عدّة من هذه الأحاديث صحيحٌ على أُصول القوم، بالإضافة إلى تصريح علمائهم بذلك، فلا مناصّ لهم من القبول.
وثالثاً: إنّ السيّد رحمه اللّه إنّما ذكر هذه الأحاديث تأييداً للنصوص، ولا شكّ في أنّها صالحة لذلك حتّى لو كان كلّها ضعيفاً.
وبعدُ، فهذا موجز الكلام على أسانيد جملة من هذه الأحاديث:

(1) وأخرجه الباوردي، وابن قانع، وأبو نعيم، والبزّار، وهو الحديث 33010 من أحاديث الكنز ص 619 من جزئه الحادي عشر.
(2) وهو الحديث 33011 ص 620 من الجزء 11 من الكنز.
(3) وهو الخبر 11 من الأخبار التي أوردها ابن أبي الحديد في الصفحة 170 من المجلّد التاسع من شرح النهج، والحديث 33009 من أحاديث الكنز ص 619 من جزئه 11.
(4) أخرجه أبو نعيم في حليته عن أنس، ونقله ابن أبي الحديد مفصّلاً في ص 169 من المجلّد التاسع من شرح النهج، فراجع الخبر 9 من تلك الصفحة.
(5) أخرجه أبو نعيم في حليته من حديث أبي برزة الأسلمي وأنس بن مالك، ونقله علاّمة المعتزلة في ص 167 من المجلّد التاسع من شرح النهج، فراجع الخبر الثالث من تلك الصفحة.
(6) أخرجه الطبراني في الكبير 6 : 269 / 6184 من حديث سلمان وأبي ذرّ، وأخرجه البيهقي في سُننه، وابن عدي في الكامل من حديث حذيفة، وهو الحديث 32990 من أحاديث الكنز ص 616 من جزئه الحادي عشر.
(7) أخرجه الطبراني في الكبير 3 : 90 / 2749، وهو الحديث 33007 من الكنز ص 619 من جزئه الحادي عشر، وهو الخبر العاشر في ص 170 من المجلّد التاسع من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
فانظر كيف جعل عدم ضلالهم مشروطاً بالتمسّك بعليّ؟! فدلّ المفهوم على ضلال من لم يستمسك به، وانظر أمره إيّاهم أن يحبّوه بنفس المحبّة التي يحبّون النبيّ بها، ويكرموه بعين الكرامة التي يكرمون النبيّ بها، وهذا ليس إلاّ لكونه وليّ عهده وصاحب الأمر بعده، وإذا تدبّرت قوله: «فإنّ جبرائيل أمرني بالذي قلت لكم عن اللّه» تجلّت لك الحقيقة.
(8) أخرجه الطبراني في الكبير 11 : 65 / 11061 عن ابن عبّاس، كما في ص 415 من الجامع الصغير للسيوطي، وأخرجه الحاكم في مناقب عليّ ص 126 من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك بسندين صحيحين: أحدهما عن ابن عبّاس من طريقين صحيحين، والآخر عن جابر بن عبداللّه الأنصاري، وقد أقام على صحّة طرقه أدلّة قاطعة.
وأفرد الإمام أحمد بن محمّد بن الصدّيق المغربي، نزيل القاهرة، لتصحيح هذا الحديث كتاباً حافلاً، سمّاه: فتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ ـ وقد طبع سنة 1354، بالمطبعة الإسلامية بمصر ـ فحقيق بالباحثين أن يقفوا عليه؛ فإنّ فيه علماً جمّاً..
ولا وزن للنواصب وجرأتهم على هذا الحديث الدائر ـ كالمثل السائر ـ على ألسنة الخاصّة والعامّة من أهل الأمصار والبوادي، وقد نظرنا في طعنهم، فوجدناه تحكّماً محضاً لم يدلوا فيه بحجّة ما، غير الوقاحة في التعصّب، كما صرّح به الحافظ صلاح الدين العلائي، حيث نقل القول ببطلانه عن الذهبي وغيره، فقال: ولم يأتوا في ذلك بعلّة قادحة، سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر.
(9) أخرجه الترمذي في صحيحه، وابن جرير، ونقله عنهما غير واحد من الأعلام، كالمتّقي الهندي في ص 147 من الجزء الثالث عشر من كنزه، وقال: قال ابن جرير: هذا خبر عندنا صحيح سنده… إلى آخره. ونقله عن الترمذي جلال الدين السيوطي في حرف الهمزة من جامع الجوامع ومن الجامع الصغير، فراجع من الجامع الصغير ج 1 ص 415.
(10) أخرجه الديلمي من حديث أبي ذرّ، كما في ص 614 ج 11 من كنز العمّال.
(11) وأخرجه الديلمي عن أنس أيضاً، كما في ص 615 ج 11 من كنز العمّال.
(12) سورة النحل 16 : 64.
(13) نقله ابن حجر في المقصد الخامس من مقاصد الآية 14 من الآيات التي أوردها في الباب 11 من صواعقه، فراجع منها ص 270.
(14) وهذا هو الحديث 32910 من أحاديث الكنز في ص 603 من جزئه الحادي عشر.
(15) أخرجه ابن ماجة في باب فضائل الصحابة ص 89 من الجزء الأوّل من سُننه، والترمذي والنسائي في صحيحهما، وهو الحديث 32913 في ص 603 من الجزء الحادي عشر من الكنز.
وقد أخرجه الإمام أحمد في ص 171 من الجزء الخامس من مسنده من حديث حبشي بن جنادة بطرق متعدّدة كلّها صحيحة، وحسبك أنّه رواه عن يحيى بن آدم، عن إسرائيل بن يونس، عن جدّه أبي إسحاق السبيعي، عن حبشي، وكلّ هؤلاء حجج عند الشيخين، وقد احتجّا بهم في الصحيحين..
ومَن راجع هذا الحديث في مسند أحمد علم أنّ صدوره إنّما كان في حجّة الوداع التي لم يلبث النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بعدها في هذه الدار الفانية إلاّ قليلاً، وكان صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قبل ذلك أرسل أبا بكر في عشرة آيات من سورة براءة، ليقرأها على أهل مكّة، ثمّ دعا عليّاً ـ في ما أخرجه الإمام أحمد في ص 243 من الجزء الأوّل من مسنده ـ فقال له: أدرك أبا بكر، فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه، فاذهب أنت به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم. فلحقه بالجحفة فأخذ الكتاب منه… (قال:) ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فقال: يا رسول اللّه! نزل فيَّ شيء؟ قال: لا، ولكن جبرائيل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك. انتهى.
وفي حديث آخر ـ أخرجه أحمد في ص 242 من الجزء الأوّل من المسند عن عليّ ـ إنّ النبيّ حين بعثه ببراءة قال له: لا بُدّ أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت. قال عليّ: فإن كان ولا بُدّ فسأذهب أنا. قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: فانطلق فإنّ اللّه يثبّت لسانك ويهدي قلبك.. الحديث.
(16) سورة التكوير 81 : 19 ـ 22.
(17) سورة النجم 53 : 3 و4.
(18) سورة الأعراف 7 : 43.
(19) مرّ عليك حديث عمرو بن شاس في ما علّقناه على المراجعة 36.
(20) في ما أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ص 101 من الجزء الأوّل من صحيحه، وروى ابن عبدالبرّ مضمونه في ترجمة عليّ من الاستيعاب عن طائفة من الصحابة. ومرّ عليك في المراجعة 36 حديث بريدة؛ فراجعه.
وقد تواتر قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: اللّهمّ وال من والاه وعادِ من عاداه، كما اعترف بذلك صاحب الفتاوى الحامدية في رسالته الموسومة بـ: الصلاة الفاخرة في الأحاديث المتواترة.
(21) رواه من طريق أبي الأزهر، عن عبدالرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبداللّه، عن ابن عبّاس، وكلّ هؤلاء حجج؛ ولذا قال الحاكم بعد إيراده: صحيح على شرط الشيخين..
قال: وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح.
ثمّ قال: سمعت أبا عبداللّه القرشي يقول: سمعت أحمد بن يحيى الحلواني يقول: لمّا ورد أبو الأزهر من صنعاء، وذاكر أهل بغداد بهذا الحديث، أنكره يحيى بن معين، فلمّا كان يوم مجلسه، قال في آخر المجلس: أين هذا الكذّاب النيسابوري الذي يذكر عن عبدالرزّاق هذا الحديث؟
فقا أبو الأزهر، فقال: هو ذا أنا.
فضحك يحيى بن معين من قوله وقيامه في المجلس، فقرّبه وأدناه، ثمّ قال له: كيف حدّثك عبدالرزّاق بهذا ولم يحدّث به غيرك؟
فقال: اعلم يا أبا زكريا! أنّي قدمت صنعاء وعبدالرزّاق غائب في قرية له بعيدة، فخرجت إليه وأنا عليل، فلمّا وصلت إليه سألني عن أمر خراسان، فحدّثته بها، وكتبت عنه وانصرفت معه إلى صنعاء، فلمّا ودّعته، قال: وجب علَيّ حقّك، فأنا أحدّثك بحديث لم يسمعه منّي غيرك، فحدّثني واللّه بهذا الحديث لفظاً، فصدّقه يحيى بن معين واعتذر إليه. انتهى.
أمّا الذهبي في التلخيص، فقد اعترف بوثاقة الرواة لهذا الحديث عامّة، ونصّ على وثاقة أبي الأزهر بالخصوص، وشكّك مع ذلك في صحّة الحديث إلاّ أنّه لم يأت بشيء قادح سوى التحكّم الفاضح.
أمّا تكتّم عبدالرزّاق فإنّما هو للخوف من سلطة الظالمين، كما خاف سعيد بن جبير حين سأله مالك بن دينار، فقال له: مَن كان حامل راية رسول اللّه؟ قال: فنظر إلي، وقال: كأنّك رخي البال.
قال مالك: فغضبت وشكوته إلى إخوانه من القرّاء، فاعتذروا بأنّه يخاف من الحَجّاج أن يقول: كان حاملها عليّ بن أبي طالب. أخرج ذلك الحاكم في ص 137 من الجزء الثالث من المستدرك، ثمّ قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
(22) أوردنا هذا الحديث في المراجعة العاشرة.
(23) أوردنا هذا الحديث في المراجعة العاشرة أيضاً، فراجع ما علّقناه ثمّة عليه و على الذي قبله.
(24) راجع ما علّقناه على هذا الحديث وعلى الذي قبله، إذ أوردناهما في المراجعة العاشرة.
(25) أخرجه الديلمي عن عمّار وأبي أيّوب، كما في ص 613 ج 11 من الكنز.
(26) هذا هو الحديث 32921 في ص 604 من الجزء 11 من الكنز.
(27) أخرجه الحاكم في ص 129 من الجزء 3 من صحيحه المستدرك، ورواه كثير من أصحاب السُنن وصحّحوه.
(28) أخرجه الديلمي من حديث ابن عبّاس، وهو الحديث 33012 في ص 620 من الجزء 11 من الكنز.
(29) راجع ما علّقناه على هذا الحديث، إذ أوردناه في المراجعة 34، وأمعن النظر في كلّ ما أوردناه ثمّة من السُنن.
(30) أورده ابن حجر في صواعقه، فراجع الحديث 13 من الأربعين التي أوردها في الباب 9.
(31) وهو الحديث 33013 في ص 620 من الجزء 11 من الكنز.
(32) أخرجه الطبراني في الأوسط 5 : 504 / 5498، والخطيب في المتّفق والمفترق، كما في ص 624 ج 11 من كنز العمّال. وقد أوردناه في المراجعة 34 وعلّقنا عليه ما يفيد الباحث المتتبّع.
(33) أخرجه الطبراني في الكبير 22 : 200 / 526، وابن عساكر عن أبي الحمراء مرفوعاً، كما في ص 624 من الجزء 11 من الكنز.
(34) وقد نقله عنهما ابن أبي الحديد في الخبر الرابع من الأخبار التي أوردها في ص 168 ج 9 من شرح النهج، وأورده الإمام الرازي في معنى آية المباهلة من تفسيره الكبير ص 86 ج 8، وقد أرسل إرسال المسلّمات كون هذا الحديث موافقاً عند الموافق والمخالف.
وأخرج هذا الحديث ابن بطّة من حديث ابن عبّاس، كما في ص 41 من كتاب فتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ للإمام أحمد بن محمّد بن الصدّيق الحسني المغربي، نزيل القاهرة؛ فراجع.
وممّن اعترف بأنّ عليّاً هو الجامع لأسرار الأنبياء أجمعين شيخ العرفاء محي الدين بن العربي، في ما نقله عنه العارف الشعراني في المبحث 32 من كتابه اليواقيت والجواهر ص 339.
(35) أخرجه الحاكم في ص 123 من الجزء 3 من المستدرك.
(36) أخرجه الطبراني وابن مردويه، عن ابن عبّاس. وأخرجه الديلمي عن عائشة، وهو في السُنن المستفيضة.
(37) سورة يس 36 : 20.
(38) سورة غافر 40 : 28.
(39) أخرجه أبو نعيم وابن عساكر عن أبي ليلى مرفوعاً، وأخرجه ابن النجّار عن ابن عبّاس مرفوعاً؛ فراجع الحديث 30 والحديث 31 من الأربعين حديثاً التي أوردها ابن حجر في الفصل الثاني من الباب 9 من صواعقه، آخر ص 192 والتي بعدها.
(40) أخرجه الحاكم ص 142 من الجزء 3 من المستدرك وصحّحه، وأورده الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحّته.
(41) هذا الحديث والذي بعده، أعني حديث ابن عبّاس، أخرجهما الحاكم في ص 140 من الجزء 3 من المستدرك، وأوردهما الذهبي في التلخيص، وصرّح كلاهما بصحّتهما على شرط الشيخين.
(42) أخرجه الحاكم في آخر ص 122 من الجزء 3 من المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، واعترف الذهبي بصحّته على شرط الشيخين، وذلك حيث أورده في التلخيص..
وأخرجه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد في ص 420 وفي ص 501 من الجزء 3 من مسنده، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وسعيد بن منصور في سُننه، وأبو نعيم في حليته، وأبو يعلى في السُنن، وهو الحديث 32967 في ص 613 من الجزء 11 من الكنز.
(43) في ما أخرج عنه الحاكم من طريقين، في ص 139 والتي بعدها من ج 3 من المستدرك.
(44) في ما أخرجه ابن عساكر، وهو الحديث 32970 في ص 613 ج 11 من الكنز.
(45) في ما أخرجه الديلمي، كما في ص 613 ج 11 من الكنز.
(46) أخرجه الطبراني في الكبير، كما في ص 613 ج 11 من الكنز.
(47) هو ابن أبي الأخضر، ذكره ابن السكن، وروى عنه هذا الحديث من طريق الحارث بن حصيرة، عن جابر الجعفي، عن الإمام الباقر، عن أبيه الإمام زين العابدين، عن الأخضر، عن النبيّ. وقال ابن السكن: هو غير مشهور في الصحابة، وفي إسناد حديثه نظر؛ نقل ذلك كلّه العسقلاني في ترجمة الأخضر من الإصابة..
وأخرج الدارقطني هذا الحديث في الأفراد، وقال: تفرّد به جابر الجعفي، وهو رافضي.
(48) كنز العمّال 11 : 613 / 32968.
(49) أخرجه أبو نعيم من حديث معاذ، وأخرج الحديث الذي بعده، أعني حديث أبي سعيد، في حلية الأولياء، وهما موجودان في ص 617 ج 11 من الكنز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *