عليٌّ راية الهدى

عليٌّ راية الهدى:
ففي رواية الحاكم الحسكاني والحاكم أبي عبداللّه وأبي نعيم، عن أبي برزة: «إنّك منار الأنام، وراية الهدى، وأمين القرآن».
وروى الحافظ أبو نعيم بسنده، عن أبي برزة أيضاً: «إنّ عليّاً راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتّقين، من أحبّه أحبّني، ومن أبغضه أبغضني»(1).
ولقوّة هذا الحديث في الدلالة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، تكلّم بعض القوم في سنده بتحكّم؛ ففي لسان الميزان بترجمة «عبّاد بن سعيد الجعفي» بعد ذِكره: «فهذا باطل، والسند إليه ظلمات»(2) وبترجمة «لاهز أبو عمرو التيمي» حكى عن ابن عديّ أنّه يحدّث عن الثقات بالمناكير، فذكر الحديث قائلاً: «وهذا باطل، قاله ابن عديّ» ثمّ قال: «قلت: إي واللّهِ من أكبر الموضوعات، وعليٌّ فلعن اللّه من لا يحبّه»(3).
وأنت ترى أنّه ردٌّ لمناقب أمير المؤمنين بلا دليل!
نعم، في الموضع الثاني دليله هو اليمين الفاجرة!! وما أقواه من دليل!!
وممّا يدلٌّ على تحكّم القوم في المقام: أنّ ابن عديّ يقول عن «لاهز»: «يحدّث عن الثقات بالمناكير» والحال أنّ الخطيب البغدادي يقول: «لم أرَ للاهز بن عبداللّه غير هذا الحديث» فأين «يحدّث عن الثقات بالمناكير»؟!
ولمّا كان الخطيب يريد الطعن في الحديث، ولا دليل عنده، يقول: «حدّثني أحمد بن محمّد المستملي، أخبرنا محمّد بن جعفر الورّاق، قال: أخبرنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الحافظ، قال: لاهز بن عبداللّه التيمي البغدادي غير ثقة، ولا مأمون، وهو أيضاً مجهول»(4).

أقول:
إن كان الدليل قول الأزدي فالأمر سهل، فقد نصّوا على أنّ الأزدي نفسه ضعيف، ولا يُلتفت إلى قوله في الرجال:
قال الذهبي: «لا يُلتفت إلى قول الأزدي، فإنّ في لسانه في الجرح رهقاً»(5).
وقال الحافظ ابن حجر: «قدّمتُ غير مرّة: أنّ الأزدي لا يُعتبر تجريحه، لضعفه هو»(6).
هذا، وتؤيّد هذا الحديث وتشهد بصحّته أحاديث:
كقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ في حديث ـ: «إن تؤمّروا عليّاً ـ ولا أراكم فاعلين ـ تجدوه هادياً مهديّاً، يأخذكم الطريق المستقيم»(7).
وقوله: «من يريد أن يحيا حياتي، ويموت موتي، ويسكن جنّة الخلد التي وعدني ربّي، فليتولَّ عليّ بن أبي طالب، فإنّه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة» قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد»(8).
وقوله: «إنّ عليّاً مدينة هدى، فمن دخلها نجا، ومن تخلّف عنها هلك»(9).

(1) حلية الأولياء 1 : 66 ـ 67، وانظر: تاريخ بغداد 14 : 98 ـ 99، تاريخ مدينة دمشق 42 : 330 ح 8892، نظم درر السمطين: 114، وغيرها.
(2) لسان الميزان 3 : 229.
(3) لسان الميزان 6 : 237.
(4) تاريخ بغداد 14 : 99.
(5) ميزان الاعتدال 1 : 61.
(6) مقدمة فتح الباري: 430.
(7) مسند أحمد 1 : 174 / 861.
(8) المستدرك على الصحيحين 3 : 128.
(9) ينابيع المودّة 1 : 220 / 39.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *