2- حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها، كذب

2 ـ حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها» كذب
قال: «وحديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها. أضعف وأوهى، ولهذا إنّما يعدّ في الموضوعات وإن رواه الترمذي، وذكره ابن الجوزي وبيّن أن سائر طرقه موضوعة. والكذب يعرف من نفس متنه…»(1).
أقول:
حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم ـ أو المدينة ـ فليأتها من بابها» من أصحّ الأحاديث سنداً، وأمتنها وأتقنها دلالةً، فكان على مثل ابن تيمية أن يكذّبه، بل ويعزو روايته إلى الزنادقة!!
وقد بحثنا عن هذا الحديث من جميع جوانبه في الأجزاء 10ـ12 من كتابنا الكبير (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار)… وهذه مقتطفات ممّا جاء هناك:
أولا: رواته من الصحابة: أميرالمؤمنين عليه السّلام، الإمام الحسن السبط، الإمام الحسين السبط، عبدالله بن العبّاس، جابر بن عبدالله، عبدالله بن مسعود، حذيفة بن اليمان، عبدالله بن عمر، أنس بن مالك، عمرو بن العاص.
أمّا من التابعين: فكثيرون جدّاً.
وأمّا من الأئمة وكبار العلماء في مختلف القرون: فأكثر وأكثر، نذكر أشهرهم:
يحيى بن معين، أحمد بن حنبل، الترمذي، البزّار، ابن جرير الطبري، الطبراني، أبو الشّيخ الإصفهاني، ابن بطة، الحاكم، ابن مردويه، أبو نعيم، أبو المظفر السمعاني، البيهقي، إبن الأثير، النووي، العلائي، المزّي، إبن حجر العسقلاني، السّخاوي، السيوطي، السمهودي، ابن حجر المكي، القاري، المنّاوي، الزرقاني، الشوكاني، الآلوسي.
وثانياً: الذين نصّوا على صحة هذا الحديث من كبار الأئمة: يحيى بن معين، ابن جرير الطبري، الحاكم، صلاح الدين العلائي، ابن الجزري، السخاوي، السيوطي، ابن روزبهان، المتّقي الهندي.. وغيرهم.
وثالثاً: الذين نصّوا على حسن هذا الحديث أو في بعض طرقه: الترمذي ـ على ما نقل عنه الدهلوي في شرح المشكاة ـ العلائي، الزركشي، المجد الشيرازي، ابن حجر العسقلانىِّ، السخاوي، السيوطي، السمهودي، الصالحي الشامي، ابن عرّاق، ابن حجر المكي، علي القاري، المناوي، العزيزي، الزرقاني، الشوكاني، وغيرهم.
ورابعاً: إن تصحيح «يحيى بن معين» حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها» أصبح هو الأساس لتصحيح جماعة من الأئمة، وذلك لكون «ابن معين» عندهم «إمام الجرح والتعديل».
أمّا تصحيحه فمذكور بترجمة (عبد السلام بن صالح الهروي) من (تهذيب الكمال) و (تهذيب التهذيب) وفي (جمع الجوامع) و (فيض القدير) و (الفوائد المجموعة) وغيرها.
وأمّا وصفهم (ابن معين) بكونه إمام أهل الجرح والتعديل، وأنه المرجوع إليه في هذا الباب، وأنّ قوله حجة… فمذكور بتراجمه في (الانساب ـ المرّي) و (تهذيب الأسماء واللغات 1/156) و (وفيات الأعيان 6/139) و (سير أعلام النبلاء 11/71) وغيرها.
وابن تيمية نفسه ينصّ على كون (يحيى بن معين» المرجع في التمييز بين صدق الحديث وكذبه، في جماعة وصفهم بذلك، حيث قال: «المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل العلم في الحديث، كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك.
فلكلّ علم رجال يعرفون به.
والعلماء بالحديث أجل هؤلاء قدراً، وأعظمهم صدقاً، وأعلاهم منزلة، وأكثر ديناً، وهُم من أعظم الناس صدقاً وأمانةً وعلماً وخبرةً، فيمايذكرونه من الجرح والتعديل، مثل:
مالك، وشعبة، وسفيان، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي وابن المبارك، ووكيع، والشافعي، وأحمد، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد، وابن معين… والدارقطني. وأمثال هؤلاء خلق كثير لا يحصى عددهم…»(2).
أقول:
وله كلامٌ ـ غير هذا الكلام ـ يقدّم هؤلاء ويفضّلهم على الإمامين العسكريين من أئمة أهل البيت عليهم السّلام!!
وقد ذكر في هذه الكلمات «يحيى بن معين» و«أحمد بن حنبل» و«الدارقطني»، وهؤلاء من رواة حديث (أنا مدينة العلم). أمّا الأول فقد عرفت، وأمّا أحمد فقد ذكرت روايته في (تذكرة الخواص) و (جواهر العقدين) وغيرهما. وأمّا الدار قطني فقد وقع في سند رواية ابن عساكر.
وخامساً: فإنّ من المخرجين له هو الترمذي، وكتابه أحد الصّحاح الستّة عندهم وقد اعتمد عليه ابن تيمية في غير موضع من كتابه.
وسادساً: فإنّ الحاكم النيسابوري أيضاً من مخرّجيه، ومصحّحيه، وقد اعتمد ابن تيمية على مستدركه غير مرّةً أيضاً.
هذا، وإن شئت المزيد فراجع كتابنا المذكور.

(1) منهاج السنة 7/515.
(2) منهاج السنة 7/34ـ35.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *