كلمة ابن تيمية حوله

كلمة ابن تيمية حول (منهاج الكرامة)
وبعد أن عرّفنا العلامة الحلي وكتابه، وذكرنا منهجه فيه، رأينا من المناسب ذكر كلام ابن تيمية حول هذا الكتاب:
«أما بعد، فإنّه قد أحضر إليّ طائفة من أهل السنّة والجماعة كتاباً صنّفه بعض شيوخ الرّافضة في عصرنا، منفقاً لهذه البضاعة، يدعو به إلى مذهب الرّافضة الإماميّة من أمكنه دعوته من ولاة الاُمور وغيرهم أهل الجاهليّة، ممّن قلّت معرفتهم بالعلم والدين، ولم يعرفوا أصل دين المسلمين، وأعانه على ذلك من عادتهم إعانة الرافضة من المتظاهرين بالإسلام من أصناف الباطنيّة الملحدين، الذين هم في الباطن من الصابئة الفلاسفة الخارجين عن حقيقة متابعة المرسلين الذين لا يوجبون اتّباع دين الإسلام…
وذكر من أحضر هذا الكتاب أنه من أعظم الأسباب في تقرير مذاهبهم عند من مال إليهم من الملوك وغيرهم. وقد صنّفه للملك المعروف الذي سماّه فيه خدا بنده. وطلبوا منّي بيان ما في هذا الكتاب من الضلال وباطل الخطاب، لما في ذلك من نصر عباد الله المؤمنين وبيان بطلان أقوال المفترين الملحدين.
فأخبرتهم أن هذا الكتاب وإن كان من أعلى ما يقولونه في باب الحجة والدليل، فالقوم من أضلّ الناس عن سواء السبيل…
فلمّا ألحّوا في طلب الرد لهذا الضلال المبين، ذاكرين أنّ في الإعراض عن ذلك خذلاناً للمؤمنين، وظن أهل الطغيان نوعاً من العجز عن ردّ هذا البهتان، فكتبت ما يسّره الله من البيان…
وهذا المصنّف سمّى كتابه (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة) وهو خليق بأن يسمّى (منهاج الندامة). كما أنّ من ادّعى الطهارة وهو من الذين لم يرد الله أن يطهّر قلوبهم، بل من أهل الجبت والطاغوت والنفاق، كان وصفه بالنجاسة والتكدير أولى من وصفه بالتطهير…
ونحن نبيّن ـ إن شاء الله تعالى ـ طريق الإستقامة في معرفة هذا الكتاب (منهاج الندامة) بحول الله وقوّته.
وهذا الرجل سلك مسلك سلفه شيوخ الرافضة، كابن النعمان المفيد ومتّبعيه: كالكراجكي، وأبي القاسم الموسوي، والطوسي، وأمثالهم.
فإنّ الرافضة في الأصل ليسوا أهل علم وخبرة بطريق النظر والمناظرة ومعرفة الأدلّة، وما يدخل فيها من المنع والمعارضة، كما أنّهم من أجهل الناس بمعرفة المنقولات والأحاديث والآثار والتمييز بين صحيحها وضعيفها، وإنما عمدتهم في المنقولات على تواريخ منقطعة الإسناد، وكثير منها من وضع المعروفين بالكذب بل وبالإلحاد…
وقد اتّفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أنّ الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم…»(1).
أقول:
هكذا يبدأ ابن تيميّة كتابه ويشرع في الردّ على العلاّمة(2) والإماميّة… وكتابه مشحون بالسبّ والشّتم… وسنورد طرفاً من عباراته من هذا القبيل تحت عنوان خاص بذلك…
لكنّ الغرض هنا هو التعريف بكتاب (منهاج الكرامة) وبيان مطالبه وأُسلوبه في البحث، ولكي يظهر الفرق بين (المنهاجين) ومؤلّفيهما.

(1) منهاج السنة: 4/59.
(2) هذا لقبه عند الشيعة الإماميّة، فإنّهم متى أطلقوا لقب «العلاّمة» أرادوا الشيخ الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي… وسنعبّر عنه كذلك في كتابنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *