الإشكال الخامس و الكلام حوله

الإشكال الخامس
إذا كان شرط وجوب المهم هو عصيان الأمر بالأهم، فما المقصود من هذا العصيان ؟ إن كان الشرط هو عصيان الأمر بالأهم بنحو الشرط المقارن، فهو خلف فرض الترتّب، وإن كان بنحو الشرط المتأخّر، فهو يستلزم طلب الضدّين، وإن كان بالعزم، فيستلزم طلب الضدّين كذلك، فالترتّب على جميع الاحتمالات غير معقول.
فإن كان المقصود من الشرط هو الشرط المقارن ففيه:
إن الإطاعة والمعصية لا يكونان إلا مع فرض الأمر، فلولا الأمر فلا طاعة ولا معصية.
فقال الميرزا وغيره: بكون العصيان بنحو الشرط المقارن، فالأمر موجود وإنّما يسقط بعد العصيان.
لكن المشكلة هي: إن الأمر تابع للملاك، وهو لا يسقط إلاّ إذا سقط وتحقق الغرض أو امتنع حصوله فيستحيل وجود الأمر كذلك، وعليه، ففي ظرف العصيان لا يعقل تحصيل الغرض، إذ لا يعقل وجود الأمر حينئذ.
لا يقال: إنّ امتناع الأمر في هذا الفرض امتناع بالإختيار، وهو لا ينافي وجود الأمر، لأن المنافي لوجوده هو الامتناع الذاتي والوقوعي، أمّا الإمتناع بالغير الناشئ من عصيان المكلّف للأمر فلا ينافيه.
لأنا نقول: إن الإمتناع بالإختيار لا ينافي العقاب، أمّا الخطاب والأمر فإنّه ينافيه، ومع تعذّر الخطاب الناشئ من اختيار العبد، فالأمر لغو، لكونه معلولاً للملاك، وأن الغرض من الأمر هو تحصيله.
وتحصّل: إن الإشكال على تقدير كون العصيان شرطاً مقارناً باق على حاله.
وإن كان المقصود من الشرط هو العزم أو العصيان بنحو الشرط المتأخّر، بناءً على وجود الأمر مع العصيان، فالتحقيق أن يقال:
إن أساس الإشكال في الترتّب هو مؤثّرية كلا الأمرين معاً، فإن أمكن تصوير عدم كونهما مؤثّرين فكان المؤثر أحدهما دون الآخر، ارتفع الإشكال، فبأيّ طريق أمكن حلّ العقدة يثبت الترتّب، وعلى هذا، فمن عزم على معصية الأمر بالأهم بعد الأمر به، سقط في حقّه مؤثريّته ووجب عليه الإتيان بالمهم، وكذا الحال في تعقّبه بالعصيان بنحو الشرط المتأخّر.
وعلى الجملة: فإن العمدة سقوط الأمرين عن التأثير في عرض واحد، وهذا يتحقق بالعزم على عصيان الأمر بالأهم أو اشتراط تعقّبه بالعصيان، بل ويسقط باشتراط العصيان بنحو الشرط المقارن.
وتلخّص: إن الإشكال في الترتّب ثبوتاً وسقوطاً يدور مدار مؤثّرية كلا الأمرين، فلو انتفت بأيّ طريق من الطرق فلا إشكال، والمختار عند الأُستاذ تصوير الترتّب باشتراط العزم على العصيان، فمن كان مستطيعاً واستقرّ الحج على ذمّته فعزم على العصيان وترك الحج، يسقط الحج عن ذمته بإتيان النائب عنه به، وإن كان في أُجرة النائب إشكال، وبيانه موكول إلى محلّه.
هذا، فأمّا أن أساس مشكلة الترتّب هو باعثيّة كلا الأمرين وعدم إمكان الانبعاثين ـ وليس طلب الضدّين ـ فإن سقط أحدهما عن الباعثيّة ارتفعت… فهذا مذكور في كلام الميرزا والمحقق الإصفهاني وليس ممّا انفرد به السيد البروجردي كما جاء في تقرير بحثه وفي حاشيته على الكفاية.
ثم إنّ هناك بحثاً حول كون الشرط هو « العزم » وقد طرحه الاُستاذ في الدرس وبيّن وجهة نظره فيه، تركنا التعرّض له اختصاراً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *