الدفاع عنه في قبال المحاضرات و المنتقى

الدفاع عنه في قبال المحاضرات و المنتقى
وأورد عليه في المحاضرات: بأنّ الإتيان بالعمل بقصد الملاك والمصلحة غير كاف في العباديّة، بل لابدّ من الإتيان به مضافاً إلى المولى، والإتيان به بقصد الملاك لا يفيد إضافته إليه.
والجواب:
فأفاد شيخنا ما حاصله: إنه فرق بين مطلق المصلحة والمصلحة التي هي الغرض من التكليف، وقصد المصلحة التي هي الغرض عند المولى ـ كما لو كان الإنتهاء عن الفحشاء والمنكر هو المصلحة في إيجاب الصلاة ـ مقرّب إلى المولى ومضيف للعمل إليه… نعم، قد يكون العمل مبتلىً بالمزاحم الأهم، فيكون المكلّف عاجزاً إلاّ أنّ العمل واجد للمصلحة اللاّزم استيفاؤها.
والإشكال: بأن هذا إنّما يتمّ إن كانت المصلحة مترتبةً على ذات العمل، أمّا بناءً على ترتّبها على العمل المأتي به بعنوان العباديّة، فالمصلحة متأخّرة رتبةً عن العمل، ومع تأخّرها عنه كيف تقصد عند الإتيان به ؟
مندفعٌ بالنقض، لأنّ المستشكل يرى صحّة العبادة المأتي بها بقصد المحبوبيّة عند المولى، لكونها حينئذ عبادة مضافة إليه، والحال أنّ المحبوبيّة مترتّبة على العباديّة لا على ذات العمل، فتكون في طول العباديّة ومتأخّرة عنها، فكيف يؤتى بالعمل بقصد المحبوبيّة ؟
الإيراد على الميرزا
لكن الإشكال الوارد عليه قوله بمقرّبيّة العمل وإن كان منهيّاً عنه… لأنّه وإن كان النهي عن الصّلاة هو من جهة محبوبيّة الإزالة مثلاً لا لمفسدة فيها، إلاّ أنّه زجر عن الصّلاة، ومع الزجر كيف تكون مقرّبةً ؟ إن العقل يلحظ الزجر بغض النظر عمّا هو المنشأ له، ويحكم بأنّ ما زجر عنه المولى فهو مبغوض عنده، والمبغوض لا يكون مقرّباً بل مبعّداً عنه… ولا أقل من الشكّ في المقربيّة، ومعه يرجع الشكّ إلى العباديّة، والمرجع حينئذ قاعدة الإشتغال.
نتيجة البحث
إنّ الميرزا يرى ـ بناءً على دلالة الأمر على النهي عن الضدّ الخاصّ ـ صحّة العبادة، لكون العمل ذا مصلحة والنهي عنه غير ذاتي، فيكفي قصد الملاك بناءً على عدم اعتبار قصد الأمر.
والأُستاذ يرى أنّ هذا النهي أيضاً يؤثر، فلا يصلح العمل للمقربيّة، لكنّ الصّلاة صحيحة لأنّه لا يرى دلالة الأمر على النهي عن الضدّ.
وفي ( المنتقى ) ـ بعد أنْ قرّبه وأفاد أنّ مقصود المحقق النائيني بالملاك المصحّح للعباديّة هو المصلحة ـ يرد عليه:
« أولاً: إن قصد المصلحة لا يمكن تحققه هنا.
وذلك: لأن العمل إذا فرض كونه عبادياً كانت المصلحة مما يترتب على العمل بقيد كونه عبادياً. أما ذات العمل فلا تترتب عليه المصلحة.
وعليه، فلا يصلح ترتب المصلحة لأن يكون داعياً إلى الإتيان بالعمل، لعدم ترتّبه عليه، والداعي ما كان بوجوده العلمي سابقاً وبوجوده العيني لاحقاً.
وبالجملة: لا يمكن أن يؤتى بالعمل بداعي المصلحة، إذ لا مصلحة فيه، بل المصلحة تترتب على العمل العبادي فقصد المصلحة في طول تحقق العبادية لا محقق لها، فهو نظير الإتيان بالعمل بداعي ترتب الثواب أو الفرار من العقاب، فإنه في طول العبادة لا محقق لها، كما تقدم بيان ذلك في مبحث التعبدي والتوصلي.
وثانياً: لو فرض إمكان تحقق قصد المصلحة، فهو لا يكون مقرباً، لما تقدم من أنه يعتبر في المقربية ارتباط العمل بالمولى بنحو ارتباط، والإتيان بالعمل لأجل ترتب المصلحة عليه لا يرتبط بالمولى، فلا يكون العمل مقرباً لعدم ربطه بالمولى.
وعلى هذا، لا يستقيم ما أفاده المحقق النائيني من إنكار الثمرة، إذ الملاك المصحح ليس إلا المحبوبية، وهو لا يتحقق مع تعلق النهي بالعمل.
ولكن الذي يسهل الخطب ما عرفت من الإلتزام بعدم اقتضاء الأمر بشيء النهي عن ضده، إما لأجل إنكار دعوى المقدمية التي هي عمدة أساس القول بالإقتضاء. وأما من جهة إنكار وجوب المقدمة »(1).

(1) منتقى الأُصول 2 / 362 ـ 363.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *