إشكال الأُستاذ

إشكال الأُستاذ
قال الأُستاذ بعد بيان كلام المحقق الإصفهاني والسيد البروجردي: بأن الإشكال السّابق يعود، لأن مفروض الكلام كون الآمر ملتفتاً إلى أن متعلّق طلبه ليس خارجيّاً وأنه يستحيل ذلك، لكن غرضه من الطلب قائم بالوجود الخارجي لا الفرضي….
وعلى الجملة، فإنّ مشكلة كيفيّة تعلّق الطلب باقية، ولم تحل بوجه من الوجوه المذكورة في المقام في الكتب الأُصوليّة… بل إن حلّها موقوف على فهمنا لكيفيّة علمنا بالأشياء، وأنه هل يمكن المعرفة أو لا ؟
وكيف كان، فعلى القول بتعلّق الأمر بأمارات التشخّص وكونها داخلةً في المتعلّق، فلا محالة يلتزم بالامتناع في مسألة اجتماع الأمر والنهي، لكون المورد حينئذ صغرى لباب التعارض، وعلى القول بخروجها، يكون صغرى لباب التزاحم، وتكون النتيجة هو القول بالجواز.
لكن الحق خروجها عن المتعلّق، لأن محلّ البحث هو تعلّق الأمر بذات الطبيعة، المرئية خارجاً كما عليه المحقق العراقي، أو الموجودة بالوجود الفرضي كما عليه السيد البروجردي… فالمتعلّق هو القدر المشترك بين الحصص، لأنّه الذي يقوم به الغرض،… وعليه يكون التخيير عقليّاً… خلافاً للعراقي فإنّه ـ مع ذهابه إلى أن المتعلّق عبارة عن الطبيعة وأن الحصص غير داخلة فيه ـ قال بأن التخيير شرعي، لكون المتعلّق وإن كان الطبيعة، لكنه الطبيعة بالحدود الطبيعيّة، كالإنسان مثلاً، فإنه يمتاز عن غيره من الأنواع بحدود طبيعيّة، فإذا كان كذلك، كان التخيير شرعيّاً.
فأورد عليه الأُستاذ: بأنّ الحدود للطبيعة ليست إلاّ الجنس والفصل، لأنّ الحدّ المضاف إلى الطبيعة المقوّم لها ليس إلاّ ذلك، فعلى القول بتعلّق الأمر بالطبيعة، يكون المتعلّق هو الطبيعة النوعيّة، وهي متّحدة مع الحدود، غير أنّ الاختلاف يكون بالإجمال والتفصيل، كالإختلاف بين « الإنسان » و« الحيوان الناطق » فليست حدود الطبيعة شيئاً زائداً عليها، ولمّا كان متعلّق الطلب هو الطبيعة وهي الحامل للغرض، فكيف يكون التخيير شرعيّاً ؟ إنّ التخيير الشرعي يتقوّم بكون الخصوصيّة داخلةً تحت الطلب بنحو على البدل، بأن يصلح دخول « أو » عليه، كما في: أعتق رقبةً أو صم ستّين يوماً. أمّا حيث يكون متعلّق الطلب هو « الصّلاة » فلا تكون الصّلاة هنا أو هناك داخلةً تحت الطلب.
وتلخّص:
إن الأمر يتعلّق بالعنوان فيما لا طبيعة له، كعنوان الصّلاة والصّوم والحج، فإن كان للمتعلّق طبيعة قابلة للوجود خارجاً فإنها هي المتعلّق وهي الحاملة للغرض، ويكون التخيير عقليّاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *