الإشكال عليه من الأُستاذ

الإشكال على المحقق الخراساني
ثم إنّ الأُستاذ أورد على ما تقدّم عن الكفاية بما يلي:
أوّلاً: إنه جعل مدلول الأمر طلب الفعل، ومدلول النهي طلب الترك. فيرد عليه الإشكال في الأوامر التي هي هيئات عارضة على المواد ـ وهي الأكثر في الأوامر ـ بأنّ الهيئات معاني حرفيّة، و« الطلب » معنى اسمي، فكيف يصير المعنى الاسمي مدلولاً للهيئة ؟
فإن قيل: إن المحقق الخراساني لا يفرّق بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفي.
قلنا: نعم، لكنّه يرى الاختلاف بينهما باللّحاظ، وهذا يتمّ في مثل الإبتداء والإنتهاء ونحوهما، أمّا الطلب فلا يقبل اللّحاظين.
وثانياً: إنه جعل الاختلاف بين الأمر والنّهي في ناحية المتعلّق، فكلّ منهما طلب، لكن الأمر طلب الفعل والنهي طلب الترك. وفيه: إن هذا خلاف الإرتكاز العرفي، إذ العرف العام على أنهما متغايران بالذات.
وثالثاً: إنه أدخل الوجود والعدم في مدلولي الأمر والنهي، لكنّ كلاًّ من الأمر والنهي مركّب من المادّة والهيئة، ولا دلالة لشيء منهما على الوجود في طرف الأمر، والعدم في طرف النهي، وقد عرفت أنّ المعنى الاسمي لا يمكن أن يكون مدلولاً للهيئة التي هي معنى حرفي، ولا يعقل وجود مدلول بلا دال، فلا يدلّ الأمر على طلب الوجود والنهي على طلب الترك والعدم.
ورابعاً: قوله: بأن متعلّق الطلب هو وجود الطبيعة، لأن الطبيعة من حيث هي ليست إلاّ هي، لا مطلوبة ولا لا مطلوبة. وفيه: إن الطلب على مسلكه هو طلب الوجود، وقد طرء على الطبيعة ـ وهو أمر زائد على ذاتها ـ فلماذا لا يطرء على الطلب ؟ وعلى الجملة، فإنّ المناط لصحّة تعلّق الطلب بوجود الطبيعة هو المناط لتعلّقه بها، وإذا كانت الطبيعة من حيث هي ليست متعلّقة للأمر، فهي غير متعلّقة للطلب أيضاً.
وخامساً: ما أورده المحقّقان الإصفهاني والعراقي، وهو يرتبط بجوابه عن الوهم. وتوضيح ذلك:
إنه قد ذكر تحت عنوان « دفع وهم » ما حاصله: إن الأمر طلب وجود الطبيعة، فيرد عليه: أنّه إنْ كان المراد وجودها الذهني، ففيه: أن الوجود الذهني ليس بحامل للغرض حتى يطلب. وأيضاً: يرد عليه ما يرد على الوجود الخارجي إن كان المراد، وهو: إن الطلب من المفاهيم ذات التعلّق، كسائر الصفات النفسانية من الحبّ والبغض ونحوهما، فلو تعلّق بالوجود الخارجي، يلزم أن يصير هو ـ أي الطلب ـ خارجيّاً، أو يصير المتعلّق الخارجي نفسانيّاً، وكلاهما محال. وأيضاً: فإنّ الخارج ظرف سقوط الطلب، فكون الوجود الخارجي مقوّماً للطلب محال.
فأجاب في الكفاية: بأن كون وجود الطبيعة أو الفرد متعلّقاً للطلب هو أن يريد المولى صدور الوجود من العبد وإفاضته بالمعنى الذي هو مفاد كان التامّة، لا أنه يريد ما هو صادر وثابت في الخارج كي يلزم طلب الحاصل كما توهّم… فليس متعلّق الطلب هو الوجود الخارجي، لأنه مسقط للطلب ولأنّه تحصيل للحاصل، بل المتعلّق هو الإفاضة.
والإشكال على هذا الجواب هو: إن الإفاضة عين المفاض، والصدور عين الصادر، والإيجاد عين الوجود، لأنّ اسم المصدر والمصدر واحد حقيقةً والاختلاف بالإعتبار، فرجع الأمر إلى الوجود الخارجي، فالإشكال باق على حاله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *