المقدمة الثالثة ( في عدم دخول ما يتفرّع على الأمر في البحث )

المقدمة الثالثة(1) ( في عدم دخول ما يتفرّع على الأمر في البحث )
لا ريب في دخول الأجزاء في محلّ النزاع ، بأن يقال : هل اللّفظ موضوع لواجد جميع الأجزاء ـ الذي هو المراد من الصحيح ـ أو الأعمّ منه ومن فاقد بعضها ؟
وكذلك الشرائط ، سواء قلنا بأن التقيّد داخل والقيود خارجة أو قلنا بأن القيود أيضاً داخلة ، إذْ لا فرق بين الأجزاء والشرائط من هذه الناحية ، لكون الأجزاء والشرائط في مرتبة واحدة وإن اختلفا في كيفيّة التأثير ، حيث بالجزء يتمّ المقتضي وبالشرط يتمُّ فاعليّة المقتضي في المقتضى ، وعليه ، فإنه يمكن تصوير النزاع بأن لفظ « الصلاة » موضوع للمركّب الجامع للأجزاء فقط أو لها بضميمة الطهور مثلا ، أو بضميمة عدم الإستدبار ، مثلا ؟
إنّما الكلام في مثل قصد القربة وقصد الوجه ـ على مسلك صاحب الجواهر وغيرهما من الامور المتفرّعة على الأمر ، فهل هذه أيضاً داخلة في محلّ النزاع ، بأنْ يقال : هل لفظ « الصلاة » موضوع للحصّة الصحيحة ، أي الواجدة لقصد القربة أو للأعم منها والفاقدة ؟
وكذا بالنسبة إلى عدم المزاحم ، فإنه يعتبر في صحّة الصلاة أن لا تكون مزاحمة بالأمر بإزالة النجاسة عن المسجد ـ إلاّ أنْ تصحّح عن طريق الترتّب ـ فهل عدم المزاحم يدخل في محل النزاع بأن يقال : هل لفظ الصلاة موضوع للحصّة الصحيحة أي غير المزاحمة بالأمر بالإزالة أو للأعم منها ومن المزاحمة ؟
الحق ـ وفاقاً للمحقق النائيني ـ هو عدم الإمكان ، بتقريب : إن الإبتلاء بالمزاحم وعدم الإبتلاء به متوقّف على الإمتثال ، فهو من انقسامات مقام الإمتثال ، ومقام الإمتثال فرع وجود الصّلاة وتعلّق الأمر بها ، فإذا كان هناك أمر وتعلّق بالصّلاة واتّفق وجود مزاحم لها في مقام الإمتثال ، فإنّ رتبة المزاحمة متأخّرة عن الأمر بالصّلاة ، والأمر بها متأخّر عنها ، فلا يعقل أن يكون عدم الصحّة ـ الناشئ من وجود المزاحم ـ مأخوذاً في معنى الصّلاة .
فظهر أنّه بناءً على إنكار الترتّب ، وأنّ الأمر بالإزالة يوجب عدم الأمر بالصّلاة أو النّهي عنها ، فالصّلاة فاسدة .
نعم ، يمكن تصوير النزاع في عدم المزاحم بأن يقال : قد تعلّق بكلّ من الركوع والسجود والقراءة وسائر الأجزاء إلى التسليم أمرٌ بضميمة عدم المزاحم ، ثم جعل لفظ « الصلاة » على هذه المجموعة .
إلاّ أن هذا لا واقعيّة له في الشّريعة ، وبحثنا إنما هو في دائرة ماهو الواقع فيها .
وتلخّص :
عدم إمكان أخذ الصحّة من ناحية عدم المزاحم ، كما عليه الميرزا ، ولا يرد عليه شيء .

(1) هذه المقدمة لم تذكر في الدورة السابقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *