المقدمة الاُولى (في جريان البحث بناءً على عدم الحقيقة الشرعيّة أيضاً)

المقدمة الاُولى (في جريان البحث بناءً على عدم الحقيقة الشرعيّة أيضاً)
الحقّ : جريان هذا البحث على جميع الأقوال في مسألة الحقيقة الشرعيّة ، لإمكان تصوير الثمرة على كلّ واحد منها .
أمّا بناءً على القول بأنّ الألفاظ مستعملة في معانيها الشرعيّة استعمالا حقيقيّاً ، وهو القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة ، فجريان البحث واضح ، فإنه يقال : هل الشارع قد وضع الألفاظ لخصوص المصاديق الصحيحة من المعاني أو للأعم منها ومن الفاسدة ، فإن كان الموضوع له خصوص الصحيح فلا يتمسّك بالإطلاق لدى الشك ، وإنْ كان للأعم تم التمسّك .
وأمّا بناءً على القول بعدم الحقيقة الشرعيّة ، وأن الألفاظ استعملت في هذه المعاني استعمالا مجازيّاً ، فإنّه يقال : أن الشارع الذي استعمل لفظ « الصلاة » مثلا في هذا المعنى الجديد مجازاً ، هل استعمله أولا في خصوص الحصّة الصحيحة بمعونة القرينة ، والقرينة التي أقامها على المجاز هي قرينة عامّة بالنسبة إلى الصحيح فقط ، أو أنه استعمله في الأعم وكانت القرينة عامّة بالنسبة إلى الأعم .
فإن كانت القرينة المصحّحة للاستعمال المجازي في المعنى الشرعي ، ـ مع كون اللّفظ موضوعاً للمعنى اللّغوي ـ قد لوحظت أوّلا بين المعنى الحقيقي وخصوص الفرد الصحيح ، احتاج استعماله في الأعم إلى قرينة اُخرى ، وكذا بالعكس .
فعلى الأوّل ـ وهو الإستعمال المجازي في خصوص الصحيح ـ لا يجوز التمسك بالإطلاق عند الشك ، وعلى الثاني يجوز .
وأمّا بناءً على القول الثالث ـ وهو قول الباقلاّني ـ من أنّ الألفاظ مستعملة في لسان الشارع في معانيها اللّغويّة ، لا الشرعيّة ، لا حقيقة ولا مجازاً ، إلاّ أنه قد أفاد الخصوصيّات الجديدة المعتبرة من قبله بألفاظ أخرى ، كما في أعتق رقبةً مؤمنةً ، حيث استعمل لفظ الرقبة في معناه ، ولمّا أراد خصوص المؤمنة دلّ عليه بلفظ آخر ، فكان دالاّن ومدلولان ، وفي لفظ « الصلاة » كذلك ، فإنه أراد المعنى اللّغوي فقط ، وهو الدعاء ، أما بقية الأجزاء والشرائط المعتبرة فقد دلّ على إرادتها بدوالّ اُخر ، فيقال : هل الدوالّ الاخر اُريد منها خصوص الأجزاء الصحيحة أو الأعم منها ومن الفاسدة ؟ فإن اُريد الصحيح لزم الإتيان بدوالّ أُخر عند إرادة الأعم ، وهكذا العكس .
إذن ، يجري هذا البحث على جميع المباني في مسألة الحقيقة الشرعيّة ، ويمكن تصوير الثمرة على كلّ واحد منها ، وإنْ قيل بانتفائها بناءً على القول الأخير ، من جهة أنه إن كانت الدوالّ الاخر مفيدةً لإرادة الأجزاء والشرائط كلّها ، فلا شك حينئذ حتى يتمسّك بالإطلاق ، وإن كانت مجعولة منه بنحو الإهمال فكذلك ، فلا ثمرة للبحث . لأنّا نقول بناءً على هذا القول : هل الدوالّ التي استخدمها الشارع لإفادة الخصوصيّات الزائدة على المعنى اللّغوي ، جاءت لتفيد تلك الخصوصيّات الملازمة لتماميّة الأجزاء والشرائط أو للأعم من الأجزاء والشرائط التامّة وغير التامّة ؟ إن كان الأول فلا يتمسك بالإطلاق ، وإن كان الثاني تمّ التمسّك به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *