رأي المحقق الخراساني

هل يوجد فرق جوهري بين الجملة الإنشائيّة والجملة الإخباريّة ، أو لا؟
فيه قولان ، قال صاحب ( الكفاية ) بالثاني .
رأي المحقق الخراساني
قال : لا يبعد أن يكون الإختلاف بين الخبر والإنشاء من قبيل الإختلاف بين الاسم والحرف ، فكما أن الموضوع له والمستعمل فيه في الاسم والحرف واحد ، والتفاوت هو بكيفية الإستعمال من جهة اللحاظ الآلي والاستقلالي ، كذلك الإنشاء والإخبار ، وقد قيّد الواضع واشترط على المستعمل أنه متى كان الداعي للإستعمال هو الحكاية ، فيأتي بالجملة الخبرية ، ومتى كان الداعي للإستعمال هو الإنشاء ، فإنه يستعمل الجملة الإنشائية ، فلا اختلاف جوهري ، بل الإختلاف هو باختلاف دواعي الإستعمال .
توضيحه :
إنه لا يخفى أنّ الجملة على ثلاث أقسام ، فمنها : الجملة المتمحّضة في الخبرية ، كقولك : قمتُ . ومنها : الجملة المتمحّضة بالإنشائية ، كقولك : قم ، لا تقم ، ومنها : الجملة المشتركة بينهما ، كصيغ العقود والإيقاعات ، مثل : أنت حر ، وبعت ، وكذا مثل : أطلب منك القيام ، فإنّ هذه الجملة تصلح لأن تكون إخباراً ، ولأنْ تكون إنشاءً .
والمفاهيم تنقسم إلى قسمين ، فمنها : مفاهيم توجد بأسبابها ولا دخل للجعل والإعتبار فيها ، لا في وجودها ولا في عدمها ، وهي الجواهر والأعراض ، ومنها : المفاهيم التي يتوقف وجودها على الجعل والإعتبار ، كالملكية والزوجيّة وأمثالهما . فهذا تقسيم .
وتقسيم آخر للمفاهيم هو : إن من المفاهيم ماليس له إلاّ سنخ واحد من المصاديق ، كالكتابة مثلا ، ومنها ماله سنخان من المصاديق ، مصداق من سنخ التكوين ، ومصداق من سنخ الإعتبار ، كالبعث ، فله فرد خارجي وفرد اعتباري يتحقق بهيئة صلّ مثلا .
ولا يخفى أيضاً : أن النسب على أقسام : النسبة التحقّقية مثل ضَرَبَ ، والتلبسيّة مثل ضارب ، والإيجادية مثل : ضربتُ ، والتوقّعية مثل : يضربُ ، والبعثية مثل : إضرب .
يقول المحقق الخراساني : إنّ الإخبارية والإنشائية من دواعي الإستعمال لا من أجزاء وقيود المعنى المستعمل فيه ، فالموضوع له والمستعمل فيه في مثل « بعت » شيء واحد ، ففي هذه الصيغة توجد مادّة هي البيع ، وضمير المتكلّم : التاء ، وهيئة وردت على المادة تربطها بالمتكلّم وتفيد نسبة المادة ـ أي البيع ـ إلى المتكلّم نسبةً إيجادية ، فإن أراد تفهيم وقوع البيع منه ووجوده منه من قبل ، كان خبراً ، وإنْ أراد تفهيم وقوع البيع منه وإيجاده بنفس هذا الإستعمال ، في وعاء الإعتبار ، كان إنشاءً .
إذن ، حصل الاختلاف من ناحية القصد والداعي لاستعمال الجملة ، وإلاّ فمدلول الجملة والمعنى المستعملة فيه لهما واحد ، إذ المستعمل فيه نفس النسبة فقط ، لكن تارةً بهذا القصد واخرى بذاك القصد ، من غير دخل للقصد والداعي على الإستعمال في المعنى الموضوع له والمستعمل فيه .
هذا تمام الكلام في توضيح مبنى صاحب ( الكفاية ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *